شيك الضمان
الشيك أداه وفاء تجري مجري النقود في التعامل فلا غرو أن يظلها المشرع بالحماية الجنائية وان يعاقب علي إصدارها دون أن يقابلها رصيد قائم وقابل للسحب لأن من يعطي شيك كانه اعطي نقود وهذا يقتضي أن يكون تاريخ إصدار الشيك هو ذاته تاريخ استحقاقه.
ولهذا تمسح بعض المتعاملين في الشيك لما له من حماية جنائية من خلال تحويله من أداه وفاء الي أداه ضمان فظهر ما يسمى بشيك الضمان ،و بمقضاه يقبل المستفيد شيكا يعلم أنه ليس له مقابل وفاء وذلك بغية ضمان دين له في ذمة الساحب مع رد الشيك بعد ذلك إلي ساحبه اذا قام بالوفاء بدينه أو تقديم الساحب للمحاكمة الجنائية إذ لم يف به.
ويتضح من ذلك أن المستفيد لا يهدف من هذا الشيك سوي الاحتفاظ به كضمان لدينه و يستغله كوسيلة تهديد للضغط بها علي الساحب للوصول الي مبتغاه.
(د.عبد الفتاح الصيفي قانون العقوبات القسم الخاص ٢٠٠٠ص٨٠٦؛د.محمد عيد الغريب شرح قانون العقوبات القسم الخاص ٢٠٠٤ص ١٢٩٥)
و هو بهذا المعني يختلف عن الشيك المتأخر التاريخ الذي يصدره الساحب في تاريخ معين ولكن يكتب له تاريخ استحقاق لاحق يتوقع فيه تدبير مقابل الوفاء لدي البنك قاصدا من ذلك طرحه للتداول في التاريخ المبين فيه كتاريخ استحقاق وهو ما اعترف المشرع بمشروعيته في قانون التجارة رقم ١٧لسنه ١٩٩٩ المعدل في ٢٠٠٤ في صورة الشيكات المسطرة والحكومية وهو لأ خلاف علي تجريمة متي تبين عدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ الاستحقاق (د.ياسر الامير الشيك المتأخر التاريخ ٢٠٠٩ص٧٠).
هذا وكان قد أثير تساؤول قبل صدور قانون التجارة الجديد رقم ١٧لسنه ١٩٩٩حول ما إذا كان الساحب يعاقب علي إصدار شيك ضمان مادام انه لا يقابله رصيد؟ اختلفت المحاكم الفرنسية في هذا الشأن ويبين أن وجه الخلاف كان ينصرف إلي بطلان شيك الضمان من عدمه.
فذهب راي إلي بطلانه ونفي الجريمة وذهب راي الي صحته واقر الجريمة
Cabrilla et Mouly Droit penal de la Banque et du Credit Paris 1982 p220 ;Dupont Droit penal de Afaris et des Secities Commercials Paris 1980 p99.
ونعتقد أن الإجابة علي هذا التساؤول ليس لها علاقة فحسب ببطلان الشيك و إنما تنصرف كذلك الي مدي توافر أركان جريمة إصدار شيك بدون رصيد.
لا سيما فعل الإصدار المتمثل في أنصراف أراده الساحب الي التخلي عن حيازة الشيك نهائيا للمستفيد وطرحه للتداول.
↚
غير أن نفر من الفقهاء ذهب إلي تجريم اصدار شيكات الضمان إذ لا عبرة بالبواعث كما أن الساحب لايملك تغيير طبيعة الشيك من اداه وفاء الي وسيله ضمان
(د.حسن المرصفاوي جرائم الشيك ٢٠٠٠ص٣٢٢)
وهو ما اطرد عليه قضاء النقض قبل صدور قانون التجاره الجديد اذ لا عبره بالأسباب التي حدت بالساحب الي إصدار الشيك فلا يقبل
منه دفع مسؤليته الجنائيه بقاله انه اراد بإصدار الشيك أن يكون ضمان لدين عليه لصالح المستفيد ، إذ جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تحققها بمجرد إعطاء الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب أما الأسباب التى دعت لإصدار الشيك فليست محل اعتبار اذ هي من قبيل البواعث التى لا تأثير لها في قيام المسئولية الجنائيةما دام الشارع لم يستلزم نية خاصة في هذه الجريمة.
(الطعن رقم ٤٤٣٨٩ لسنة ٥٩ قضائية الصادر بجلسة ١٩٩٦/١٠/٠٢)
ومن ثم فإن تمسك المتهم بأن الشيك هو ثمن بضاعة تبين عدم مطابقتها للمواصفات لا ينفى مسئوليته الجنائية
(الطعن رقم ٤٨٣١٩ لسنة ٥٩ قضائية الصادر بجلسة ١٩٩٦/٠٤/٠٩)
ومع ذلك فقد عثرنا علي قضاء فريد لمحكمه النقض قبل صدور قانون التجارة الجديد نفي التجريم عن اصدار شيك ضمان لا يقابله رصيد إذ أيدت محكمة النقض حكما صدر بالبراءة جاء به أنه ” لما كان الثابت من أقوال الشهود أن الشيكات قد سلمها المتهم (طه) للمدعي المدني (نهاد) علي سبيل الوديعة كضمان لسداد ثمن الاطيان المبيعه في موعد أقصاه سته اشهر وبذا فان تسليم الشيكات من المتهم للمدعي المدني لم يكن علي وجه تخلي فيه المتهم الساحب نهائيا عما سلمه للمستفيد المدعي المدنى ومن ثم فإن الركن المادي لجريمة إصدار شيك بدون رصيد يكون غير متوافر
(نقض ١٩٩٨/١٢/٢٧مجموعة أحكام النقض س ٤٩رقم ٢١٧ص ١٥٢٧)
و بصدور قانون التجارة الجديد جرم المشرع شيكات الضمان في المادة ٥٣٥إذ عاقب المستفيد الذي يقبل شيك يعلم أنه ليس له مقابل وفاء بغيه القضاء علي ظاهرة شيكات الضمان وبالتالي كان من الواجب أن تنحسر الحماية الجنائية عن إصدار شيكات الضمان.
ولاشك أن قضاء النقض الأخير هو أحياء لماض درس كنا نأمل من محكمة النقض أن تهجره بعد أن تبدلت الأوضاع و تغيرت في ظل قانون التجارة الجديد اذ اضحي شيك الضمان مجرم ولا يستقيم أن ترد المشروعية والتأثيم علي ذات المحل (شيك الضمان) في أن واحد.
ومادام أن قبول المستفيد شيك يعلم أنه لايقابله رصيد يعني أن هذا الشيك اضحي متحصل من جريمة خاصة فهذا بمفرده كاف لهدم جريمة اصدار شيك بدون رصيد إذ من الثوابت أنه متي كان الشيك متحصل من جريمه كسرقة أو نصب أو تبديد أو اي جريمه اخري انحسر تجريم إصداره كما أن المسألة لأ تنحصر في القصد الجنائي كما خال لمحكمة النقض بل تنصرف الي الركن المادي المتمثل في اصدار الشيك وطرحة للتداول و هو ما يتخلف عن اعطاء الساحب للمستفيد شيك ضمان حسبما اوضحنا.
والنتيجة العملية المترتبة علي احكم النقض الحديثه أن تصد المحاكم نفسها عن تحقيق وبحث دفاع المتهم وتتفش العبارة الشائعة بأن الشيك شيك وأما السداد واما الحبس رغم فساد هذه العبارة وعدم قانونيتها بشأن شيكات الضمان.
الأستاذ/ محمد زكريا محمد - المحامي بالنقض
يهمنا تفاعلك