إجراءات قيد و نظر الدعوى الإدارية امام محاكم مجلس الدولة
حددت المواد من 25 إلى 43 من قانون مجلس الدولة الإجراءات المتعلقة برفع الدعوى أمام محاكم مجلس الدولة ( المحاكم الإدارية ومحكمة القضاء الإدارى والمحاكم التأديبية ) وكيفية مباشرتها وسلطة المحكمة فى الفصل فيها.
ومن خلال استعراض نصوص القانون الواردة فى هذا الصدد يمكن تقسيم البحث فى هذا الموضوع إلى فصلين ، نتناول فى الأول منه إجراءات الدعوى أمام المحاكم الإدارية ومحكمة القضاء الإدارى ، ونتناول فى الثانى الإجراءات أمام المحاكم التأديبية وذلك سيرا على نفس التقسيم الذى اتبعه المشرع .
الفصل الأول
- كيفية رفع الدعوى .
- دور هيئة مفوضى الدولة .
- نظر الدعوى والحكم فى الدعوى .
المبحث الأول
كيفية رفع الدعوى
يمكن بيان كيفية رفع الدعوى أمام المحاكم الإدارية ومحكمة القضاء الإدارى ، وبيان مراحل هذه الإجراءات وفقا لقواعد قانون مجلس الدولة كما يلى :
المطلب الأولإيداع عريضة الدعوى قلم كتاب المحكمة المختصة و سداد الرسوم المقررة
تبدأ إجراءات الدعوى الإدارية أو المنازعة الإدارية بإجراء معين هو إيداع صحيفة أو عريضة الدعوى قلم كتاب المحكمة المختصة ، فهذا الإجراء وحده هو الذى ينتج الأثر القانونى المترتب على إقامة الدعوى والمتمثل فى قيام أو بدء الخصومة بين أطراف الدعوى ، وذلك على خلاف ما هو مقرر بالنسبة للدعاوى أمام القضاء العادى التى تبدأ الخصومة فيها بإعلان الخصوم .
و عملية إيداع الصحيفة قلم الكتاب قد تتم من المدعى نفسه أو من يوكله فى ذلك أو المحامى الخاص به ، ولا يشترط بالنسبة لعملية الإيداع أن تتم من محام مقبول للمرافعة أمام المحكمة المختصة بنظر الدعوى حيث إن هذا القيد قاصر على التوقيع على عريضة الدعوى فقط ، أما إيداعها فإذا كان من الجائز قبوله من غير المحامين طالما وكل فى ذلك فمن باب أولى أن يقبل الإيداع من محام موكل فى الإيداع ولو لم يكن مقبولا للمرافعة أمام المحكمة المختصة ، ذلك لأن عملية الإيداع لا تعدو أن تكون عملا ماديا لا قانونيا فضلا عن أن القانون لم يتطلب سوى توقيع المحامى المقبول للمرافعة أمام المحكمة المختصة على عريضة الدعوى .
والإيداع هو الإجراء الذى تفتتح به الدعوى أو يقام به الطعن وهو المعول عليه فى قطع الميعاد إن كانت الدعوى دعوى إلغاء ، وفى قطع مدة التقادم فى دعاوى القضاء الكامل ، وما إلى ذلك من آثار تترتب على المطالبة القضائية ، بغير هذا الإجراء لا تقوم للخصومة قائمة و لا يغنى عن الإيداع إجراء سابق أو لاحق كسداد الرسوم أو استصدار قرار الإعفاء منها أو إعلان الخصوم.
وقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأنه لا إلزام على المحامى أن يثبت و كالته عند إيداع عريضة الدعوى نيابة عن موكله ، فقط يتعين إثبات الوكالة عند حضور الجلسة و إذا كان التوكيل خاصاً أودع ملف الدعوى ، وأنه إذا كان التوكيل عاما فيكتفى بإطلاع المحكمة عليه و إثبات رقمه و تاريخه و الجهة المحرر أمامها بمحضر الجلسة ، و للخصم الآخر أن يطالب المحامى بإثبات وكالته حتى لا يجبر على الاستمرار فى إجراءات مهددة بالإلغاء ، و للمحكمة من تلقاء نفسها أن تطالب المحامى بتقديم الدليل على وكالته على أن يتم ذلك فى جلسة المرافعة على الأكثر ، و على المحكمة فى جميع الأحوال أن تتحقق من أن سندات التوكيل مودعة ملف الدعوى و ثابتة بمرفقاته - إذا تبين للمحكمة حتى تاريخ حجز الدعوى أن المحامى لم يقدم سند وكالته عليها أن تحكم بعد قبول الدعوى شكلاً.
بيانات عريضة الدعوى:
تشتمل هذه البيانات على بيانات عامة تتعلق بأطراف الدعوى من حيث تحديد اسم رافع الدعوى وصفته ومحل إقامته ، والجهة التى قدم الطلب فى مواجهتها وصفتها وعنوانها .
ولا شك أنه ينبغي تحديد المدعى عليه أو الخصم فى الدعوى تحديدا يمكن معه التوصل إليه ، أما إذا كان هذا التحديد مبهما وبحيث لا يمكن التعرف على المدعى عليه لأدى ذلك إلى بطلان صحيفة الدعوى.
ولا يترتب البطلان لمجرد الخطأ أو النقص فى أسماء الخصوم وصفاتهم ، بل يجب أن يكون هذا النقص أو الخطأ جسيما بما يشكك فى حقيقة الخصوم و اتصالهم بالمنازعة ، أما إذا كان الخطأ ماديا فإنه لا يؤدى إلى بطلان صحيفة الدعوى سواء تعلق الأمر بالمدعى أو المدعى عليه في الخصومة.
و يترتب على بطلان الصحيفة عدم قطعها للتقادم السارى فى مواجهة المدعى لمصلحة الإدارة وذلك ما لم يتم تصحيح ما أدى إلى بطلان الصحيفة فى المواعيد المقررة ، ولكن هل يجوز تصحيح شكل الدعوى برفعها على ذى الصفة ؟ وما هو الميعاد الذى يجوز فيه ذلك ؟
استقرت الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا على جواز تصحيح شكل الدعوى لرفعها على ذى الصفة حتى بعد انقضاء المواعيد المقررة للطعن ، غير أن هذا التصحيح يقتضى بطبيعة الحال عدم صدور حكم فى الدعوى فإذا صدر حكم فى الدعوى كان له حجيته ، وامتنع بالتالى تصحيح شكل الدعوى طالما انقضت المواعيد المقررة للطعن ، وأخيرا وبالنسبة للبيانات الواردة بعريضة الدعوى يجب أن تتضمن موطن الخصم ، غير أنه يلاحظ أن إغفال ذكر موطن الخصم لا يترتب عليه بطلان الصحيفة وإنما بطلان الإعلان الموجه إليه . مع ملاحظة أنه إذا خلت صحيفة الدعوى من تحديد الموطن الأصلى للمعلن إليه على الوجه المقرر قانونا فإن الإعلان الصحيح فى الموطن المختار ينتج آثاره القانونية .
تاريخ تقديم صحيفة الدعوى إلى المحكمة:
والهدف من تطلب هذا الشرط واضح حيث يفيد معرفة ما إذا كان الطعن بالإلغاء قد رفع فى الميعاد أم لا وبالتالى تقبل الدعوى أو لا تقبل ، كما أنه يفيد فى معرفة ما إذا كان الحق فى رفع الدعوى قد تقادم أم لا فضلا عما للتاريخ من أهمية بصفة عامة فى الإثبات .
تحديد موضوع الدعوى ، وبيان عناصرها من محل وسبب ، وإذا كان موضوع الدعوى الطعن فى قرار إدارى يجب أن يرفق بالعريضة صورة أو ملخص لهذا القرار المطعون فيه يبين موضوعه وتاريخ صدوره .
وبالنسبة لدعوى الإلغاء فلا يشترط أن يكون طلب الإلغاء صريحا بل يمكن الاستدلال عليه من خلال ما ورد بصحيفة الدعوى ضمنا تبعا لسلطة المحكمة فى تكييف طلبات المدعى ، كما يمكن للمحكمة تكييف ما جاء بدعوى الإلغاء على أنه دعوى تسوية والعكس .
كما أنه إذا اشتمل طلب الإلغاء على طلب وقف التنفيذ فيجب أن يبين وجه الاستعجال والنتائج التى يتعذر تداركها فى حالة تنفيذ القرار.
وكما يكون التجهيل في أسماء الخصوم أو صفاتهم فقد يكون أيضا في طلبات الخصوم ، وهو ما يمكن أن يؤدى إلى بطلان صحيفة الدعوى إذا استحال على القاضي تكييف هذه الطلبات خاصة وأنه ملزم بألا يحكم بأكثر مما طلبه الخصوم أو بغير ما طلبوا وإلا كان حكمه باطلا.
تاريخ التظلم من هذا القرار ونتيجته ، إذا كان هذا القرار مما يجب التظلم منه قبل رفع الدعوى ( وهى الطلبات المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من المادة الثانية عشرة من القانون ) .
بيان بالمستندات المؤيدة للطلب ، وغالبا ما يتم إرفاق هذه المستندات فى حافظة خاصة ، كما يمكن للمدعى تقديم مذكرة شارحا فيها دعواه إذا لزم الأمر.
ولا شك أن هذا الشرط الغرض منه تحرير عريضة الدعوى من قبل المتخصص الذى يمكنه من عرض طلبه فى صورة قانونية تفهمها المحكمة ، ومما يؤدى إلى إنهاء النزاع بصورة سريعة والتقليل من حجم المنازعات أمام القضاء.
مجلس الدولة |
كما أن اشتراط التوقيع على العريضة لا يعنى تحرير الصحيفة من ذات الشخص ، فقد يحررها شخص ويوقع عليها آخر والعبرة بمن وقع عليها وما تطلبه القانون فى ذلك .
غير أن عدم توقيع المحامى على الصحيفة قد لا يبطلها وذلك إذا ما حضر جلسات التحضير (التى يقوم بعقدها مفوض الدولة مع الخصوم) ، أما إذا لم يوقع المحامى على هذه العريضة ولم يحضر الجلسات لأدى ذلك إلى بطلان صحيفة الدعوى لخلوها من توقيع محام .
والبطلان الذى رتبه الشارع على مخالفة هذا الإجراء يتعلق بالنظام العام ويجوز الدفع به فى أية حالة كانت عليها الدعوى وللمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها ، و يجب على المحكمة أن تبين فى حكمها سند ما انتهت إليه من أن المحامى الموقع على الصحيفة من غير المقررين لديها و إلا كان حكمها مشوبا بالقصور .
وبالنسبة للمحامين بالإدارات القانونية للهيئات العامة والوحدات التابعة لها وشركات القطاع العام فوفقا للقانون رقم 47 لسنة 1973 والقانون رقم 17 لسنة 1983 تبطل صحيفة الدعوى الخاصة بالجهات التابعة لهم ما لم توقع من عضو من أعضاء هذه الإدارات القانونية أو عضو من هيئة قضايا الدولة ، كما لا يجوز لهم - المحامون بالإدارات القانونية - فى غير القضايا المتعلقة بالجهات التى يعملون بها ، التوقيع على صحيفة الدعوى ما لم تكن هذه الدعاوى من الدعاوى المستثناة وفقا للقانون ( كدعاوى الأقارب والأزواج ) ، و إلا أمكن مساءلتهم تأديبيا أمام الجهة التى يعملون بها ، سواء عن طريق إبلاغ المحكمة للجهة بهذه الواقعة أو اتخاذ الإدارة القانونية لإجراءات المساءلة التأديبية والتحقيق معهم ، كما نعتقد أيضا بإمكانية مساءلتهم تأديبيا من جانب نقابة المحامين ، وذلك فضلا عن بطلان العمل المزاول على وجه المخالفة أو الحكم بعدم القبول بحسب الأحوال وذلك تطبيقا لنص المادة 76 من قانون المحاماة .
وجدير بالذكر أن القضاء ببطلان صحيفة الدعوى لأى سبب - ومنها لعدم توقيع محام مقبول للمرافعة أمام المحكمة – لا يترتب عليه قطع مواعيد دعوى الإلغاء حيث يترتب علي هذا الحكم محو أثر الصحيفة ويزول أثر رفع الدعوى في قطع ميعاد الطعن القضائي ، فإذا أقام المدعي بعد ذلك الدعوى فإنها تكون مقامة بعد انقضاء الميعاد.
وقد حددت المادة 13 ، والمادة 14 ، الاختصاصات النوعية والقيمية لكل من محكمة القضاء الإدارى والمحاكم الإدارية ، وذلك حيث نصت المادة 13 على اختصاص محكمة القضاء الإدارى بالفصل فى المسائل المنصوص عليها فى المادة العاشرة ( وهى جميع اختصاصات مجلس الدولة باستثناء ما تختص به المحاكم الإدارية والمحاكم التأديبية ) فضلا عن اختصاصها بالفصل فى الطعون التى ترفع إليها عن الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية .
الفصل فى المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت والمستحقة لمن ذكروا فى البند السابق أو لورثتهم .
الفصل فى المنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية متى كانت قيمة المنازعة لا تجاوز خمسمائة جنيه .
هذا عن الاختصاص النوعى والقيمى لكل من محكمة القضاء الإدارى والمحاكم الإدارية ، أما بالنسبة للاختصاص المحلى فيكون للمحكمة التى يوجد بدائرتها الجهة الإدارية التى تتصل بالمنازعة الإدارية حتى لو لم يكن لها الشخصية الاعتبارية المستقلة وذلك بغض النظر عن موطن المدعى عليه أو محل إقامته.
وبالنسبة للدفوع المتعلقة بعدم اختصاص المحكمة ولائيا أو نوعيا أو قيميا فوفقا لنص المادة 109 من قانون المرافعات تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها ، ويجوز الدفع به فى أية حالة كانت عليها الدعوى ، ويجوز إثارته لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا .
وهو ما يفهم منه أن الاختصاص المحلى ليس متعلقا بالنظام العام . غير أن اعتبار الاختصاص المحلى أمام محكمة القضاء الإدارى ليس متعلقا بالنظام العام لا يعنى - من وجهة نظرنا - أنه يمكن الاتفاق على مخالفته فيما بين الخصوم كما هو الحال بالنسبة لقانون المرافعات - وذلك لوجود السلطة العامة طرفا فى المنازعة الإدارية - وإنما يقتصر أثره على عدم جواز إعمال الآثار الأخرى المترتبة على اعتبار الاختصاص متعلق بالنظام العام وأهمها تعرض المحكمة له من تلقاء نفسها وإثارته أمام المحكمة الإدارية العليا لأول مرة فهذا غير جائز من وجهة نظرنا .
أما بالنسبة للاختصاص المحلى بالنسبة للمحاكم الإدارية والمحاكم التأديبية فإننا نرى أنه متعلق بالنظام العام ، وذلك حيث إن المحاكم الإدارية والمحاكم التأديبية محاكم متعددة ومنتشرة على مستوى الجمهورية وقد أناط بها المشرع اختصاصات معينة ، والعبرة بالنسبة لاختصاص المحاكم التأديبية هى مكان وقوع المخالفة التأديبية والمستوى الوظيفى للعامل ، وبالنسبة للمحاكم الإدارية هى مكان الجهة الإدارية المتصلة بالموضوع لا مجرد تبعية العامل للجهة عند إقامة الدعوى ، وهى الاعتبارات التى تيسر فى النهاية تقديم المستندات والبيانات فى الدعوى وتنفيذ الحكم الصادر فيها ، وهو ما استقرت عليه الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا .
محامين الاسكندرية⚖️ Alexlawyers |
وعلى أية حال فإنه إذا ما رفضت المحكمة الدفع المتعلق بعدم الاختصاص استمرت فى نظر الدعوى ، أما إذا قبلت الدفع بعدم الاختصاص فإنه وفقا لما يقضى به نص المادة 110 من قانون المرافعات « على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة ، ولو كان عدم الاختصاص متعلقا بالولاية ويجوز لها عندئذ أن تحكم بغرامة لا تجاوز مائة جنيه و تلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها » .
غير أن الحكم الصادر بعدم الاختصاص والإحالة يمكن الطعن عليه فور صدوره ودون انتظار للحكم المنهى للخصومة وذلك فى المواعيد المقررة للطعن وإلا حاز هذا الحكم قوة الأمر المقضى به ، ومن ثم لا تجوز إثارته مرة أخرى عند الطعن فى الحكم المنهى للخصومة .
وإذا تم الطعن فى هذا الحكم الصادر بعدم الاختصاص والإحالة فإنه يتعين على المحكمة المحال إليها الدعوى وقف الفصل فيها إلى حين الفصل فى الطعن ، ويكون الوقف وجوبيا وذلك تجنبا لتناقض الأحكام وتعارضها.
هذا وتقدير كفاية البيانات الواردة فى عريضة الدعوى من الأمور المتروكة لسلطة المحكمة .
سداد الرسوم المقررة :
ويترتب على إيداع الرسوم وجوب قبول الصحيفة - طالما توافرت بقية الشروط - كما يترتب عليه قطع التقادم .
ولكن ما هو الحل فى حالة نظر الدعوى أمام المحكمة وعدم استبعادها من جدول المحكمة على الرغم من عدم سداد الرسم المقرر ؟ هل يترتب بطلان لهذا السبب فى الحكم الصادر فى الدعوى ؟
والعبرة هى بسداد كامل الرسوم ، ومن ثم لا تثريب على المحكمة إن هي استبعدت بعض الطلبات لعدم سداد الرسوم عنها ، مع ملاحظة أن الدفع باستكمال الرسم القانونى من الدفوع الشكلية المتعلقة بالنظام العام ، وفى حالة دفع رسم أقل من المقرر فإن آثار الدعوى لا تسرى إلا من الوقت الذى يستكمل فيه الرسم ، وأنه إذا تم سداد رسوم أقل مما يقرره قانون الرسوم دون خطأ من جانب المدعى ثم قام المدعى بسداد الجزء الباقى من الرسوم بعد تبين هذا الخطأ فى تقدير الرسوم فإنه فى هذه الحالة فقط يرتب سداد الرسوم أثره من تاريخ سداد الرسوم فى البداية لا من تاريخ استكمال سداد الرسوم ومن هذه الآثار اعتبار الدعوى مقامة من تاريخ إيداع الصحيفة ، أما استكمال سداد الرسوم بعد صدور حكم في الدعوى فإنه لا يمس سلامة الحكم الصادر المبنى على أساس عدم سداد الرسوم ، ومن ثم يتعين رفض الطعن على الحكم لهذا السبب .
المطلب الثانىالإعلان وإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة
وبهذا الإجراء تنعقد المنازعة وتقع صحيحة مادامت العريضة قد استوفت البيانات الجوهرية و إعلان العريضة ومرفقاتها إلى ذوى الشأن ليس ركنا من أركان المنازعة الإدارية أو شرطا لصحتها وإنما هو إجراء لاحق مستقل لا يقوم به أحد طرفي المنازعة الإدارية ، وإنما تتولاه المحكمة من تلقاء نفسها ، وأن المقصود منه هو إبلاغ الطرف الآخر بقيام المنازعة الإدارية ودعوة ذوى الشأن جميعا لتقديم مذكراتهم ومستنداتهم فى المواعيد المقررة بطريق الإيداع بسكرتارية المحكمة وذلك تحضيرا للدعوى و مؤدى ذلك أن بطلان إعلان العريضة ومرفقاتها إلى أي من ذوى الشأن ليس مبطلا لإقامة الدعوى ذاتها ما دامت قد تمت صحيحة فى الميعاد وبالإجراءات التى حددها قانون مجلس الدولة وأن القياس في هذا المقام على المادة 406 مكررا من قانون المرافعات المدنية والتجارية هو قياس مع الفارق لاختلاف الإجراءات والأوضاع وما يترتب عليهما من آثار فى هذا الشأن بين النظامين.
ويعتبر مكتب المحامى الموقع على العريضة محلا مختاراً للمدعى ، ما لم يعين محلا مختارا غيره.
ولا يشترط أن يتضمن الإعلان تحديد جلسة للمحكمة لنظر الدعوى - وذلك باستثناء الدعاوى التى تتضمن طلبات مستعجلة - وإنما يتم إخطار الطرفين من قبل قلم الكتاب للحضور أمام هيئة مفوضى الدولة التى تتولى تحضير الدعوى ثم تحيلها إلى المحكمة التى تتولى فيما بعد تحديد الجلسة .
ولا يترتب على بطلان الإعلان لأى سبب من أسباب بطلانه بطلان صحيفة الدعوى ذلك لأن الإعلان مستقل عن إجراء رفع الدعوى وليس ركنا فيه ، وإنما يتم - فى حالة الحكم ببطلان الإعلان - تأجيل نظر الدعوى لإعلان صحيفة الدعوى إعلانا صحيحا .
وإذا ما صدر الحكم رغم بطلان الإعلان كان الحكم باطلا لإخلاله بحقوق الدفاع.
وتطبق فى هذا الصدد نفس القواعد المعمول بها فى قانون المرافعات والتى تقضى بأن الإجراء لا يكون باطلا إلا إذا نص القانون على ذلك أو شاب الإجراء عيب جوهرى يضر بالخصم ، ومع ملاحظة أن لصاحب المصلحة فى التمسك بالبطلان أن يتنازل عنه صراحة أو ضمنا ما لم يكن الإجراء متعلقا بالنظام العام ، كما تطبق القواعد الخاصة بتصحيح البطلان بحضور المعلن إليه .
ويتم إعلان صحيفة الدعوى إلى جهة الإدارة المختصمة فى الدعوى وذلك فى مواجهة هيئة قضايا الدولة (الحكومة) وذلك بوصفها نائبة عن وزارات الحكومة ومصالحها العامة والمحافظين ، وهو إجراء ليس غاية فى حد ذاته وإنما الهدف منه اتصال علم جهة الإدارة المذكورة بالنزاع حتى تتمكن من الدفاع وتقديم المذكرات والمستندات التى تؤيد وجهة نظرها .
أما بالنسبة لإعلان رؤساء الهيئات العامة أو الجامعات ، فيتم بمقر الجهة التى يتبعونها ، و وفقا لقانون هيئة قضايا الدولة فإن الهيئة تنوب عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ولدى الجهات الأخرى التى خولها القانون اختصاصا قضائيا ، وتسلم إليها صور الإعلانات الخاصة بصحف الدعاوى والطعون والأحكام المتعلقة بتلك الجهات سواء ما اتصل منها بجهة القضاء العادى أو الإدارى أو أية هيئة أخرى.
وأما بالنسبة للدفاع أو المرافعة عن رؤساء الهيئات العامة ورؤساء الجامعات فالأصل أن يتولى ذلك أعضاء الإدارات القانونية التابعين لهم ، ولا يحضر عنهم أعضاء من هيئة قضايا الدولة ، على أنه من الجائز أن تترافع هيئة قضايا الدولة عن الهيئات العامة أو الجامعات وذلك فى حالة توكيلها للقيام بهذه المهمة مقابل أتعاب خاصة .
و يلاحظ أنه بالنسبة للمصالح المتفرعة عن الوزارات يمكن رفع الدعوى فى مواجهتها دون اختصام الوزارة التابعة لها طالما تمتعت بالشخصية القانونية المستقلة ، كما يلاحظ أيضا أنه من الممكن توجيه الدعوى ضد الجهة الرئاسية أو الوصائية للجهة مصدرة القرار ، وأنه ليس ثمة ارتباط بين الجهة مصدرة القرار بالفعل وبين من ترفع عليه الدعوى طالما توافرت الصفة فى مواجهته .
وأخيرا فإن من له صفة فى الدعوى يختلف عن الجهة الإدارية التى يوجه إليها الإعلان ، فصاحب الصفة هو من يختص وفقا لأحكام القانون بتمثيل الشخص الاعتباري ، والأصل أن توجه الدعوى الإدارية ضد الجهة الإدارية مصدرة القرار - كما سبق القول - أما من يوجه إليه الإعلان وفقا لنص المادة 14 من قانون المرافعات فهو شخص مستقل عن صاحب الصفة ، ويترتب على ذلك أن تمثيل من يوجه إليه الإعلان فى الدعوى يجب أن يكون عن صاحب الصفة فى الدعوى ، وإلا كانت الدعوى مرفوعة على غير ذى صفة وأمكن الدفع بذلك فى أى مرحلة كانت عليها الدعوى .
وأما بالنسبة إلى ميعاد الإعلان الوارد فى نص قانون مجلس الدولة فهو ميعاد تنظيمى الغرض منه حث سكرتارية المحكمة على سرعة الإعلان ومن ثم لا يترتب على مخالفة هذا الميعاد ثمة بطلان فى الإعلان .
ولرئيس المحكمة أن يصدر أمرا بتقصير هذا الميعاد - ميعاد تقديم المذكرات من الجهة الإدارية - إلى أقل من ثلاثين يوما وذلك فى أحوال الاستعجال وفى هذه الحالة يجب إعلان هذا الأمر بتقصير هذه المهلة خلال أربع وعشرين ساعة من تاريخ صدوره إلى الجهة الإدارية المختصة وذلك عن طريق البريد ، مع سريان الميعاد المقصر الذى تم تحديده بواسطة رئيس المحكمة - من تاريخ الإعلان للجهة الإدارية المختصة لا من تاريخ صدور القرار بتقصير الميعاد .
مع ملاحظة عدم جواز الطعن فى هذا القرار الصادر بتقصير هذه المهلة - أو هذا الميعاد - بأى طريق من طرق الطعن .
وإذا انقضى الميعاد المذكور - سواء بتقديم مذكرات من الجهة الإدارية (أو من ذوى الشأن) أو بعدم تقديمها - قام قلم كتاب المحكمة خلال أربع وعشرين ساعة من انقضاء الميعاد المذكور - الثلاثين يوما أو الميعاد الجديد المقصر - بإرسال ملف الأوراق إلى هيئة مفوضى الدولة بالمحكمة المختصة .
وبعد إرسال ملف الأوراق إلى هيئة مفوضى الدولة بالمحكمة المختصة يكون للمفوض بمجلس الدولة تحديد مهلة لرافع الدعوى للرد على المذكرة المقدمة من الجهة الإدارية ، وذلك إذا ما أراد رافع الدعوى الرد على الملاحظات الواردة بالمذكرة التى أودعتها جهة الإدارة وتكون هذه هى ذات المهلة التى تحدد للجهة الإدارية لإبداء ملاحظاتها على هذا الرد وذلك إذا ما أرادت هى الأخرى التمسك بحقها فى التعليق على هذا الرد فى مدة مماثلة .
ومن المعروف أن عدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة من النظام العام ، ومن المعلوم أيضا أن كل وزير فى نطاق شئون وزارته ، أو رئيس الفرع أو المصلحة إذا كان هذا الفرع يتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة يمثل الدولة أو جهة الإدارة فى الدعوى الإدارية .
وفى حالة انتقال تبعية الوحدة التى يعمل بها الطاعن من جهة إلى أخرى خلال نظر الدعوى أو الطعن فإن على الطاعن أن يختصم الجهة الأخيرة ذات الصفة سواء دفع بانتفاء الصفة أم لا ، وإلا قضت المحكمة بعدم القبول لرفع الدعوى أو الطعن على غير ذى صفة .
المبحث الثانيدور هيئة مفوضى الدولة
مع مراعاة ضرورة اطلاع الطرف الآخر على ما قدمه الخصم من مستندات و أوراق ، ويقوم المفوض بتحرير محضر بذلك موقعا منه ويطلق على هذه الجلسات جلسات التحضير .
كما أن لمفوض الدولة سلطة فى توقيع غرامة تفرض على المتسبب فى تعطيل تحضير الدعوى بتكرار طلب تأجيلها ، ويتم فرض هذه الغرامة بصورة شخصية على المتسبب فى هذا التعطيل ، بمعنى أن الجهة الإدارية لا تتحملها ما لم يثبت أنها المتسببة فى التعطيل ، بل تفرض على ممثلها أو من ينوب عنها ، كما يجوز للمفوض الرجوع عن قراره فى هذا الخصوص ، ولا يجوز للمحكمة – بعد ذلك – أن تعفي من هذه الغرامة ، وهى بصدد الفصل في الدعوى .
ومما هو جدير بالذكر أنه لا يجوز أن يباشر إجراءات الدعوى وتحضيرها من مفوضى الدولة من هو أقل درجة مما حدده القانون و إلا كان العمل الذى باشره باطلا ، وقد نصت المادة السادسة من قانون مجلس الدولة على أن يكون مفوضو الدولة أمام المحكمة الإدارية العليا ومحكمة القضاء الإدارى من درجة مستشار مساعد على الأقل .
هيئة مفوضى الدولة لا تقوم باختصاصات المحكمة ولا تمارس ولايتها وإنما ينصب اختصاصها على تحضير الدعوى وتهيئتها للمرافعة أمام المحكمة ومن ثم لا يجوز إبداء الطلبات العارضة المتعلقة بطعون الإلغاء أمامها ، وإنما يجب أن تقدم هذه الطلبات إما أمام سكرتارية المحكمة أو أمام هيئة المحكمة ذاتها مكتملة .
يترتب على تحضير الدعوى من قبل هيئة المفوضين عدم إمكانية تطبيق بعض القواعد المعروفة فى القانون المدنى وقانون المرافعات مثل المعارضة فى الأحكام أو تطبيق قواعد شطب الدعوى لعدم الحضور أو صدور أمر أداء أو غيرها من القواعد التى تستند على غياب الخصوم .
بالإضافة إلى سلطة المفوض فى تهيئة وتحضير الدعوى للفصل فيها ، فإنه يملك أيضا تسوية النزاع صلحا بين الطرفين على أساس المبادئ القانونية التى ثبت عليها قضاء المحكمة الإدارية العليا ، ويتم إثبات هذا الصلح فى محضر يوقع عليه أطراف الدعوى أو وكلاؤهم ، ويكون لمحضر الصلح فى هذه الحالة قوة السند التنفيذى - كما هو الشأن بالنسبة للقضاء المدنى - ويمنح الخصوم صورا منه وفقا للقواعد المقررة لإعطاء صور الأحكام ، وتستبعد الدعوى من الجدول لانتهاء النزاع فيها .
وفى هذه الحالة يجب أن يصدر قرار بذلك من رئيس المحكمة لأنه صاحب الولاية الأصلية فى هذا الشأن ، وذلك على الرغم مما جرى عليه العمل من أن مفوض الدولة هو الذى يصدر ذلك القرار.
أما إذا لم يتم الصلح فيجوز عند الحكم فى الدعوى الحكم بغرامة لا تجاوز عشرين جنيها على الطرف المعترض وتمنح للطرف الآخر ، ونرى أن هذه الغرامة ضئيلة جدا ولا تتفق مع إثقال كاهل القضاء بكم هائل من القضايا ، ومن الأفضل أن يترك تحديد هذه الغرامة إلى تقدير المحكمة المختصة بنظر النزاع .
ويكون لذوى الشأن الاطلاع على هذا التقرير والحصول على صورة منه على نفقتهم الخاصة .
وفى أثناء تحضير الدعوى يجوز للخصوم تعديل طلباتهم وأسانيدهم القانونية بشرط إعلانها للطرف الآخر ، كما يجوز تطبيق كافة القواعد المقررة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية المتعلقة بترك الخصومة أو وقف الدعوى أو انقطاع سير الخصومة مع قيام مفوض الدولة بإيداع تقريره النهائى فى هذا الشأن ، والمحكمة هى التى تثبت ذلك فى حكمها .
وفى خلال ثلاثة أيام من إيداع التقرير تقوم هيئة المفوضين بعرض ملف الدعوى على رئيس المحكمة الذى يعين تاريخا لجلسة نظر الدعوى ، ويقوم بعد ذلك قلم الكتاب بتبليغ هذا التاريخ إلى ذوى الشأن وذلك وفقا لنص المادة 29 من قانون مجلس الدولة .
ومتى تم إيداع التقرير فلا يجوز إيداع أية مستندات أخرى ، والأمر يتوقف على سلطة المحكمة فى هذا الشأن .
ومن الجدير بالذكر أن الرأى القانونى الوارد بتقرير مفوض الدولة ليس ملزما للمحكمة .
المبحث الثالثنظر الدعوى والحكم فيها
و يقوم قلم كتاب المحكمة بتبليغ تاريخ الجلسة إلى ذوى الشأن على ألا يقل ميعاد الحضور عن ثمانية أيام على الأقل ، وإن كان من الممكن تقصير هذا الميعاد إلى ثلاثة أيام فى حالة الضرورة بناء على قرار رئيس المحكمة .
ويمكن لرئيس المحكمة بناء على طلب من ذوى الشأن تقصير ميعاد الجلسة ، ويكون قراره الصادر فى هذا الشأن - بالرفض أو القبول - غير قابل للطعن فيه ، وفقا لما نصت عليه المادة 30 من قانون مجلس الدولة .
وإذا ما تم الإعلان دون أن يتضمن تحديد تاريخ لجلسة نظر الدعوى فإن هذا يؤدى إلى بطلان الإعلان ، وهو ما يؤدى بالتالى بطلان الحكم ، وهو ما سنتناوله بالتفصيل فيما بعد .
فلرئيس المحكمة أن يطلب من ذوى الشأن أو مفوض الدولة ما يراه لازما لاستجلاء وجه الحقيقة فى الموضوع .
وترجع الحكمة في ذلك إلى أن نطاق الدعوى يتحدد أمام المحكمة من حيث موضوعها ومن حيث أطرافها وذلك بما ورد فى صحيفة الدعوى ، ومن ثم فالأصل أنه لا يجوز للمدعى تعديل طلباته أثناء سير الدعوى حتى لا يخل بحق الدفاع الممنوح للمدعى عليه .
ووفقاً لنص المادة 123 من قانون المرافعات يكون تقديم الطلبات العارضة من المدعى أو المدعى عليه إلى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهة فى الجلسة فى حضور الخصم و يثبت فى محضرها ولا تقبل الطلبات العارضة بعد إقفال باب المرافعة كما لا تقبل الطلبات العارضة بغير هذه الطرق.
- ما يتضمن تصحيح الطلب الأصلى أو تعديل موضوعه لمواجهة ظروف طرأت أو تبينت بعد رفع الدعوى.
- ما يكون مكملا للطلب الأصلى أو مترتبا عليه أو متصلا به اتصالا لا يقبل التجزئة .
- ما يتضمن إضافة أو تغييرا فى سببإجراءات الدعوى الإدارية أمام محاكم مجلس الدولة
يهمنا تفاعلك