اثر السكر على المسئولية الجنائية

 اثر السكر الاختياري على المسئولية الجنائية

ترى محكمة النقض مسؤولية السكران باختياره مطلقا سواء كانت الجريمة عمدية أو اهمال ، فالأصل لديها أن الغيبوبة المانعة من المسئولية – على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات – هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهراً عنه أو بغير علم منه بحقيقة أمرها بما مفهومه "أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة عن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولا عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها سواء كانت عمدية أم بإهمال".
و أحيانا يعاقب المتهم مرتين إذا ارتكبت جريمة و هو في حالة سكر، الأولى على جريمته و الثانية لضبطه في حالة سكر.

 اعتراف المتهم السكران

كما فرقت في م اعتراف المتهم السكران بين ما إذا كان المتهم المعترف قد تناول المسكر باختياره أم جبرا عنه ولا تقبل الدفع ببطلان الاعتراف إلا إذا كان تناول المسكر جبرا عن ارادة المعترف أما أن تناوله باختياره فإن النقض تشترط لبطلان الاعتراف أن يكون المسكر افقده الشعور والاختيار تماما - وفي ذلك تقول ولئن كان السكُر من العوامل التي تفقد الشعور والإدراك، فيبطل الاعتراف إذا كان السكر نتيجة لتناول المعترف للخمر قهراً عنه، أما إذا كان تناوله باختياره، فلا يبطل الاعتراف، إلا إذا كان السكر قد أفقده الشعور والإدراك تماماً، أما إذا لم يفقده الشعور والإدراك تماماً فيصبح الأخذ به.
و قد تصدت محكمة النقض لتلك المسألة في الطعن المقيد برقم 26136 لسنة 66 قضائية حيث ذكرت في حيثيات حكمها: 
"وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يرتب على اعتراف الطاعن وحده الأثر القانونى للاعتراف و إنما أقام قضاءه على ما يعززه من أدلة الدعوى الأخرى وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدع أنه كان وقت ارتكاب الجريمة متناولاً مادة مسكرة قهراً عنه أو على غير علم منه بحقيقة أمرها بل أطلق القول بأن الطاعن كان في حالة سكر أثناء سؤاله في محضرى الشرطة والنيابة العامة دون أن يبين ماهية هذه الحالة ودرجتها ومبلغ تأثيرها في إدراك الطاعن وشعوره وبغير أن يقدم دليلاً على أنها أفقدته تماماً الإدراك والشعور أثناء اعترافه، فإنه لا يكون للطاعن من بعد النعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها ولا يقبل منه التحدي بذلك الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض ويضحى نعيه في هذا الخصوص على غير أساس. 

المسئولية الجنائية للسكران و اعترافه

جلسة ١٢ من نوفمبر سنة ٢٠٠٦
برئاسة السيد القاضي / مقبل شاكر رئيس محكمة النقض 
وعضوية السادة القضاة 
محمد صلاح الدين إبراهيم البرجي وعادل عبد الحميد عبدالله والسيد صلاح عطية عبد الصمد وحسن سيد أحمد حمزة ومحمد حسام الدين الغرياني وأحمد على عبد الرحمن ومحمد مجدى إسماعيل الجندى وحامد عبدالله محمد عبد النبي وإبراهيم على أحمد عبد المطلب ومحمد طلعت محمد العيسوى الرفاعى نواب رئيس المحكمة.

الطعن رقم 72594 لسنة 75 قضائية

( ۱ ) مسئولية جنائية. أسباب الإباحة وموانع العقاب «الغيبوبة» «السكر الاختياري». قتل عمد. قصد جنائي قانون «تفسیره». الغيبوبة المانعة من المسئولية الجنائية ماهيتها؟ المادة ٦٢ عقوبات. توافر مسئولية السكران باختياره عن الجرائم ذات القصد العام.
عدم ثبوت القصد الخاص بافتراضات قانونية. وجوب توافره قبل تناول المخدر أو المسكر اختياراً.
( ۲ ) حكم إصداره». محكمة النقض «نظرها الطعن والفصل فيه». قانون تطبيقه» «تفسیره».
فصل الهيئة بتشكيليها في موضوع الطعن بعد فصلها في مسألة العدول غير لازم أساس وأثر ذلك ؟.
۱ - من المقرر أن الغيبوبة المانعة من المسئولية على مقتضى المادة ٦٢ من قانون العقوبات هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهراً عنها أو على غير علم منه بحقيقة أمرها بما مفهومه أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة وإن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولاً عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها فالقانون يجرى عليه - في هذه الحالة - حكم المدرك التام الإدراك مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه، إلا أنه لما كانت هناك بعض الجرائم يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائي خاص لدى المتهم فإنه لا يتصور إكتفاء الشارع في ثبوت هذا القصد باعتبارات وإفتراضات قانونية، بل يجب في هذه الجرائم - وعلى ما استقر عليه قضاء محكمة النقض - في تفسير المادة ٦٢ من قانون العقوبات التحقق من قيام القصد الجنائي الخاص من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع، فلا تصح معاقبة الجاني عن القتل العمد إلا أن يكون قد انتوى القتل من قبل ثم أخذ المسكر ليكون مشجعاً له على ارتكاب جريمته. وحيث إن قضاء النقض في هذا الصدد أقيم على أسباب صحيحة ويحقق العدالة والصالح العام ويتفق وصحيح القانون وتقره الهيئة وترفض العدول عن هذه المبادىء وتعدل بالأغلبية المقررة في هذا القانون عن الأحكام الأخرى التي خالفت هذا النظر.

٢ - لما كانت المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية قد نصت على أن تشكل الجمعية العامة لمحكمة النقض هيئتين بالمحكمة كل منها من أحد عشر قاضياً برئاسة رئيس المحكمة أو أحد نوابه إحداهما للمواد الجنائية والثانية للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها وإذا رأت إحدى دوائر المحكمة العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة أحالت الدعوى إلى الهيئة المختصة للفصل فيها وتصدر الهيئة أحكامها بالعدول بأغلبية سبعة أعضاء على الأقل.

وإذا رأت إحدى الدوائر العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة صادرة من دوائر أخرى أحالت الدعوى إلى الهيئتين مجتمعتين للفصل فيها، وتصدر الأحكام في هذه الحالة بأغلبية أربعة عشر عضواً على الأقل. والمستفاد مما ورد في هذه المادة سواء ما تعلق منها بتشكيل الهيئة الواحدة فقرة ( ۲ ) أو بتشكيل الهيئتين مجتمعتين فقرة ( ۳ ) هو أنه كلما رأت إحداها العدول عن مبدأ قررته أحكام سابقة أصدرت حكمها بالعدول بأغلبية سبعة أعضاء بالنسبة للهيئة وأربعة عشر عضوا بالنسبة للهيئتين مجتمعتين ولم تلزم أياً من التشكيلين بعد الفصل في مسألة العدول بالفصل في موضوع الطعن وهو ما تشير إليه عبارة وتصدر الأحكام في هذه الحالة بأغلبية أربعة عشر عضواً على الأقل التي وردت بعجز المادة إذ أن العدول هو الذي يلزم له الأغلبية المشار إليها فيها دون الحكم في الطعن نفسه الذي يكفي فيه بعد ذلك الأغلبية العادية المقررة لإصدار الأحكام. لما كان ذلك، فإن الهيئة بعد الفصل في المسألة المعروضة عليها تعيد الطعن - وهو مرفوع للمرة الثانية - إلى الدائرة التي أحالته إليها للفصل فيه طبقاً لأحكام القانون.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم : اشتركوا في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جرائم القتل المقترن بجناية السرقة بالإكراه وإحراز الجواهر المخدرة بقصد التعاطى وإحراز الأسلحة البيضاء بدون ترخيص بأن اتفقوا واتحدت إرادتهم على ارتكابها فوقعت منهم تنفيذاً لذلك الجرائم الآتية : 
أولا : قتلوا .................. عمداً بأن طعنه المتهم الأول بسلاح أبيض «مطواه في صدره فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته بينما تواجد المتهمان الثاني والثالث بمسرح الجريمة لشد أزره وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنهم في ذات الزمان والمكان سالفي البيان سرقوا المبلغ النقدى والأشياء المملوكة لـ.......... بطريق الإكراه الواقع عليه بالطريق العام وباستخدام الأسلحة البيضاء بأن استوقفوه حال سيره وأشهروا في وجهه الأسلحة البيضاء مديتين وشفرة موس مهددين إياه بها وبثوا الرعب في نفسه وشلوا بذلك مقاومته فتمكنوا بتلك الوسيلة من الإكراه من إتمام السرقة.

ثانياً :  أحرزوا بقصد التعاطى جوهراً مخدرا الفلوبنز ايبام في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. 

ثالثاً : - أحرزوا أسلحة بيضاء مديتين وشفرة موس دون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية. 

وطلبت معاقبتهم بالمواد ٤٨ ، ١/٢٣٤، ٣١٥ من قانون العقوبات والمواد ۲۰۱/۱ ، ۱/۳۷ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانون رقم ۱۲۲ لسنة ۱۹۸۹ والبند رقم ۱۳۱ من القسم الثاني من الجدول رقم (۱) الملحق بالقانون الأول والمضاف بقرار وزير الصحة رقم ٢١ لسنة ۱۹۹۹ والمواد ۱/۱ ، ۲۵ مكرراً / ١ من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ المعدل بالقانون رقم ٢٦ لسنة ۱۹۷۸ والبندين رقمي ۱۰ ، ۱۱ من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم ٩٧ لسنة ١٩٩٢ - والمادتين ۹٥ ، ۱۱۲ / ۱ - ۲ من القانون رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦ وأحالتهم إلى محكمة أحداث القاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بالسجن لمدة عشر سنوات لكل منهم والمصادرة. 
استأنفوا ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت
حضوراً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.

فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض....... الخ. ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. 

ومحكمة الإعادة بهيئة مغايرة قضت بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه و تأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليهما الثاني والثالث في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية ) ..... الخ. وبجلسة ۲۱ من مايو سنة ۲۰۰٦ قررت محكمة النقض - الدائرة الجنائية الأحد - أ - حالة الطعن إلى الهيئة العامة للمواد الجنائية للفصل فيه.

الهيئة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر و المرافعة وبعد المداولة قانوناً.

حيث إن المادة ٦٢ من قانون العقوبات تنص على أنه لا عقاب على من يكون فاقد الشعور أو الاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل. إما لجنون أو عاهة في العقل. 

و إما لغيبوبة ناشئة من عقاقير مخدرة أيا كان نوعها إذا أخذها قهراً عنه أو على غير علم منه بها». 
وقد اختلف في أمر تفسير هذه المادة بالنسبة للجرائم ذات القصود الخاصة فهناك عدة اتجاهات منها من يرى بمسئولية فاقد الشعور أو الاختيار بسبب تعاطيه لعقاقير مخدرة باختياره عن الجرائم ذات القصود الخاصة استناداً إلى افتراض ثبوت هذا القصد الخاص.

ومنها من يرى عدم مسئولية فاقد الشعور أو الاختيار بسبب تعاطيه لعقاقير مخدرة باختياره عن الجرائم ذات القصود الخاصة إلا أن يكون قد انتوى ارتكاب الجريمة ثم أخذ المسكر مشجعاً له على ارتكابها، وهو ما جرى عليه قضاء محكمة النقض. 

وإذ رأت الدائرة التي نظرت الطعن العدول عن هذا المبدأ القانوني الذي قررته الأحكام السابقة، فقد قررت بجلستها المنعقدة بتاريخ ٢١ من مايو سنة ٢٠٠٦ إحالة الطعن إلى الهيئة العامة للمواد الجنائية للفصل فيه وذلك عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٢.

وحيث إن أحكام محكمة النقض قد استقرت على أن الغيبوبة المانعة من المسئولية على مقتضى المادة ٦٢ من قانون العقوبات هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهراً عنه أو على غير علم منه بحقيقة أمرها بما مفهومه أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولاً عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها فالقانون يجرى عليه - في هذه الحالة - حكم المدرك التام الإدراك مما ينبنى عليه توافر القصد الجنائي لديه إلا أنه لما كانت هناك بعض الجرائم يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائي خاص لدى المتهم فإنه لا يتصور إكتفاء الشارع في ثبوت هذا القصد باعتبارات وافتراضات قانونية، بل يجب في هذه الجرائم - وعلى ما استقر عليه قضاء محكمة النقض - في تفسير المادة ٦٢ من قانون العقوبات التحقق من قيام القصد الجنائي الخاص من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع، فلا تصح معاقبة الجاني عن القتل العمد إلا أن يكون قد انتوى القتل من قبل أخذ المسكر ليكون مشجعاً له على ارتكاب جريمته.

و حيث إن قضاء محكمة النقض في هذا الصدد قد أقيم على أسباب صحيحة ويحقق العدالة والصالح العام ويتفق وصحيح القانون وتقره الهيئة وترفض العدول عن هذه المبادىء وتعدل بالأغلبية المقررة في هذا القانون عن الأحكام الأخرى التي خالفت هذا النظر لما كان ذلك، وكانت المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية قد نصت على أن تشكل الجمعية العامة لمحكمة النقض هيئتين بالمحكمة كل منها من أحد عشر قاضياً برئاسة رئيس المحكمة أو أحد نوابه إحداهما للمواد الجنائية والثانية للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها وإذا رأت إحدى دوائر المحكمة العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة أحالت الدعوى إلى الهيئة المختصة للفصل فيها وتصدر الهيئة أحكامها بالعدول بأغلبية سبعة أعضاء على الأقل. 

وإذا رأت إحدى الدوائر العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة صادرة من دوائر أخرى أحالت الدعوى إلى الهيئتين مجتمعتين للفصل فيها، وتصدر الأحكام في هذه الحالة بأغلبية أربعة عشر عضوا على الأقل». 

و المستفادة مما ورد في هذه المادة سواء ما تعلق منها بتشكيل الهيئة الواحدة فقرة ( ۲ ) أو بتشكيل الهيئتين مجتمعتين فقرة ( ۳ ) هو أنه كلما رأت إحداها العدول عن مبدأ قررته أحكام سابقة أصدرت حكمها بالعدول بأغلبية سبعة أعضاء بالنسبة للهيئة وأربعة عشر عضواً بالنسبة للهيئتين مجتمعتين ولم تلزم أيا من التشكيلين بعد الفصل في مسألة العدول بالفصل في موضوع الطعن وهو ما تشير إليه عبارة وتصدر الأحكام في هذه الحالة بأغلبية أربعة عشر عضواً على الأقل التي وردت بعجز المادة إذ أن العدول هو الذي يلزم له الأغلبية المشار إليها فيها دون الحكم في الطعن نفسه الذي يكفى فيه بعد ذلك الأغلبية العادية المقررة لإصدار الأحكام لما كان ذلك، فإن الهيئة بعد الفصل في المسألة المعروضة عليها تعيد الطعن - وهو مرفوع للمرة الثانية - إلى الدائرة التي أحالته إليها للفصل فيه طبقاً لأحكام القانون.


تعليقات
    20231230-155210-0000