حياتي مع القانون

حياتي مع القانون

أ.د/ محمد عويان

الحقيقةُ الغامضةُ مِنْ بين ثنايا السطورِ، وأحرفِ العبورِ، وقطراتُ الأحبارِ المتناثرةِ، وعبقريةُ الفكرِ المتألمِ، وجدِّيةِ البحثِ، والاطّلاع، وصولًا للحقيقةِ، ليسطعَ نورُها يومًا ما مدللًا في ظلامِ الليلِ نهارُها عبرت بي رسالةٌ من أعظمِ الرسالاتِ "رسالةُ المحاماه" والتي كونت من شخصيتي مالا يمكن تحقيقه لو لم أكن محامياً... 

فانطلاقاً من منطلق تناول القلم وتسطير العرائض، والمذكرات، وإعداد الدفاع، والدفوع في مختلف العديد من الدعاوى القضائية، وبين يقظة الضمير في الدفاع عن الحق ونصرته على الباطل فكانت أولى تلك القضايا التي سطّرت تكوين تلك الشخصية، والدفع بها نحو منحى البحث العلمي والتطلّع الأفقي لنيل درجة الدكتوراه في القانون المدني "حلمٌ كاد من المستحيلِ تحقيقه" لكن إرادةَ اللهِ فوقَ كل شيءٍ. هي إحدى القضايا التى طرقت بابَ مكتبي منذُ نعومةِ أظافري حيثُ عمق القانون المدني من دعاوى دائرة حول نزعات الملكية حيث التعثر حينًا والثبات حينًا آخر، والزحفُ المستمرُ لعديدٍ من السنواتِ استمرت أعوامًا قضائية؛ لكي أثبت أن الباطلَ وإن طالَ لابد يومًا أن يسطعُ نورُ الحقِّ، وإنَّ الليل مهما طال لابد من بزوغِ الفجرِ وشروقُ الشمسِ، حيثُ الخلقُ والإبداعُ والتكوينُ وإخراجُ الدليلِ الذي دللت عنه أحرفُ الأوراقِ دون كمالِه حيثُ لا وجودَ له سوى بياناتٍ رقميةٍ حيث الوفاةُ والميلادُ وكيف يكون الإثباتُ لصلةِ الأنسابِ وصِلة موكلي بصاحب الحق الأصيل ممن دللت عليه الأوراق وأكدت القطع بأن المستحيل لا يمكن أن يتحقق لكن الصبر والبحث المستمر لسنوات جعل الدليل يظهر حيناً بعد حين، وورقة بعد ورقة تدلل على تاريخ، وأخرى على اسم وعنوان ومكان، وتعددت الأوراق إلا أنها غير كافية لكمال الدليل المقنع والبرهان الساطع الذي يمكن الحقيقة ثباتها لمواجهة سهام وسموم الخصوم نحو دفاعهم ودفوعهم الباطلة فكان لابد من الاستمرار والصمود، وتحقيق الكمال للدليل ليكون قاطعا لكل شك، وتخمين وكذب وافتراء حتى التمكن من الإعلام الشرعي وخروجه للنور؛ تسطيراً للحقيقة والثبات على العزيمة، وبات الأمر محسوما رغم كل المحاولات للنيل منه إلا أن الحق بات منتصراً وسطعت عين الحقيقة وخرج الدليل القاطع، وبات الوضع رهن النفاذ والتنفيذ، لكن أهل الضلال ما زالوا يعبثون ويضللون ويحرّفون ويشوِّهون، وتنعقد المجالس وتترسم الدوائر، ولكن نور الحق ما زال مقتنعاً أن هناك من ينصره فصار متبَعاً حتى ضل طريقه، ووافق الهوى حتى اكتشفت الحقيقة أنها الخدعة والتقليل والتنقيص وضياع الحق من خائني الضمير، لكن الحق وإن ضل يوما طريقه سرعان ما رجع وأثبت بكل ما أوتى به من قوة أنه الحق واستطاع إظهار ما أخفاه الضمير المعدوم، وإخراج طريقه للنور، وبات الباطل مذموماً مخذولاً مدحوراً.
أ.د/ محمد عويان
       المحامي 
تعليقات
    20231230-155210-0000