حيثيات حكم القضاء الإداري
ببطلان التنازل عن «تيران وصنافير»
المستشار/ يحيى راغب دكروري |
وذكر المدعى شرحاً للدعوى انه تم إبرام اتفاق بين الحكومة المصرية والمملكة العربية السعودية بتاريخ 9/4/2016 بالتنازل عن جزيرتى تيران وصنافير ضمن الاتفاق على تعيين الحدود البحرية بين البلدين , وأضاف المدعى أن التنازل عن الجزيرتين يعد عملاً إداريا يجوز مخاصمته بدعوى الإلغاء وانه يخالف نص المادة (151) من الدستور كما يخالف اتفاقية ترسيم الحدود التى أبرمت عام 1906 وان الجزيرتين جزء من إقليم الدولة المصرية وخاضعتين لسيادتها التى مارستها عليها وفقاً للقرارات الصادرة من الحكومة المصرية ومنها قرار مجلس الوزراء رقم 1068 لسنة 1983 بإنشاء محمية طبيعية فى الجزيرتين وقرار وزير الداخلية رقم 422 لسنة 1982 بإنشاء نقطة شرطة فى جزيرة تيران يشمل اختصاصها جزيرتى تيران وصنافير وفي ختام الصحيفة طلب المدعى الحكم بطلباته المشار إليها .
وذكر المدعى شرحا للدعوى أن الحكومة المصرية أعلنت عن إبرام اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية وأصدر مجلس الوزراء بياناً بتاريخ 9/4/2016 تضمن أن جزيرتى تيران وصنافير تقعان داخل المياه الإقليمية السعودية وهو أمر يجافى حقائق التاريخ والواقع والقانون لأن الجزيرتين مصريتان طوال مراحل التاريخ وان المسافة بينهما وبين شاطىء سيناء اقرب من المسافة بينهما وبين المملكة العربية السعودية وأنهما تقعان داخل المياه الإقليمية المصرية وفقاً للمرسوم الملكى الصادر فى 15/1/1951 بتحديد المياه الإقليمية المصرية المعدل بالقرار الجمهوري بتاريخ 17/2/1958 وقرار رئيس الجمهورية رقم 145 لسنة 1983 بشأن الموافقة على اتفاقية قانون البحار الموقع عليها بتاريخ 10/12/1982 فالبحر الإقليمى لمصر يبلغ 12 ميلاً بحرياً وان القوات المسلحة المصرية كانت موجودة فى الجزيرتين فى عام 1956 و عام 1967 وان اتفاقية السلام بين مصر واسرائيل التى صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 153 لسنة 1979 بالموافقة عليها نصت على أن تضمن مصر حرية الملاحة فى مضيق تيران , وصدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1068 لسنة 1983 بإنشاء محمية طبيعية فى جزيرتى تيران وصنافير وصدر قرار وزير الداخلية رقم 422 لسنة 1982 بإنشاء نقطة شرطة فى جزيرة تيران وقرار وزير الزراعة رقم 472 لسنة 1982 بشأن حظر صيد الطيور والحيوانات والأسماك والكائنات البحرية فى بعض مناطق محافظتى سيناء وشمل الحظر منطقة جزيرة تيران , وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 338 لسنة 1995 بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون البيئة والذى حظر صيد الطيور والحيوانات فى عدة مناطق منها جزيرة تيران وعدل القرار المشار إليه بالقرار رقم 1741 لسنة 2005 واستمر حظر صيد الطيور والحيوانات بجزيرة تيران , وصدر قرار وزير الداخلية رقم 80 لسنة 2015 بإنشاء قسم ثان شرطة شرم الشيخ ويدخل فى نطاقه جزيرة تيران , وتضمن قرار وزير الداخلية رقم 542 لسنة 2015 بإنشاء قسم سجل مدنى ثان شرم الشيخ ويشمل اختصاصه جزيرة تيران وصدر قرار رئيس الجمهورية رقم 549 لسنة 1990 بالموافقة على مذكرة التفاهم بين حكومة جمهورية مصر العربية وسلطات المجموعة الاوروبية لتمويل مشروع محمية رأس محمد الموقعة بتاريخ 13/6/1989 وتضمن الاتفاق أن تشمل المحمية جزيرتى تيران وصنافير , ونعى المدعى على القرار المطعون فيه مخالفته نص المادتين 1و151 من الدستور وفي ختام الصحيفة طلب المدعى الحكم بطلباته المشار إليها .
وقامت هيئة مفوضى الدولة بتحضير الدعوى على الوجه الثابت بجلسات التحضير حيث أودع المدعى فى الدعوى رقم 43709 لسنة 70 ق ثمانى عشرة حافظة مستندات وأودع المدعى فى الدعوى رقم 43866 لسنة 70 ق خمس حوافظ مستندات وكتاب موسوعة سيناء وأودع الحاضر عن الدولة ثلاث حوافظ مستندات طويت كل حافظة على صورة لحكم صادر من هذه المحكمة فى الدعويين رقمى 51200 لسنة 65 ق و 7039 لسنة 67 ق وحافظة مستندات طويت على كتابى وزارة الخارجية - الإدارة القضائية - برقمى صادر 724 و725 إلى نائب رئيس هيئة قضايا الدولة رئيس قسم القضاء الإدارى الدائرة الأولى أفراد وموقعين من السفير حازم رمضان مساعد وزير الخارجية ومدير الإدارة القضائية , وتضمن الكتاب الأول الرد على الدعوى رقم 43709 لسنة 70 ق وتضمن الكتاب الثانى الرد على الدعوى رقم 43866 لسنة 70 ق وورد بالكتابين أن موضوع الدعوى يمس العلاقات الدولية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية وان محلهما يتعلق بعمل من أعمال السيادة وان الاختصاص بتقدير تلك الاتفاقية أصبح معقوداً لمجلس النواب دون السلطة القضائية وختم كتابيه المشار إليهما بأنه : ( لذا فقد ترون إبداء الدفوع الآتية : اصليا بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى بنظر الدعوى لتعلقها بعمل من أعمال السيادة , واحتياطياً : بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى احتراما لمبدأ الفصل بين السلطات واختصاص مجلس النواب بها عملا بنص المادة (151) من الدستور , ومن باب الاحتياط بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى , وأودعت هيئة قضايا الدولة مذكرتى دفاع دفعت فيهما بعدم اختصاص المحكمة والقضاء عموماً ولائياً بنظر الدعوى , واحتياطياً : بعدم قبول الدعوى .
ونظرت المحكمة الدعويين بجلسة 7/6/2016 حيث حضر الأستاذ خالد على عمر فى الدعويين وأودع صحيفة بإدخال خصوم جدد وبإضافة طلب جديد إلى طلبه فى الدعوى رقم 43866 لسنة 70 ق حيث اختصم بالإضافة إلى المدعى عليهم من الأول حتى الثالث كل من وزير الدفاع ووزير الخارجية ووزير الداخلية بصفاتهم وأضاف إلى طلبه الأصلى طلباً جديداً وفقاً لما اثبته بمحضر جلسة 17/5/2016 على الوجه المشار إليه فيما تقدم , كما أودع صحيفة طلب فيها مالك مصطفى عدلى قبول تدخله خصماً منضماً إلى المدعى فى الدعوى رقم 43866 لسنة 70 ق وصحيفة طلب فيها طالبو التدخل الواردة أسماؤهم فى ديباجة الحكم من رقم 2 إلى رقم 175 قبول تدخلهم انضمامياً إلى المدعى فى الدعوى رقم 43866 لسنة 70 ق وأودع كل من طالبى التدخل الواردة أسماؤهم فى ديباجة الحكم من رقم 176 إلى رقم 179 صحيفة طلبوا فيها قبول تدخلهم انضمامياً إلى المدعى فى الدعوى رقم 43866 لسنة 70 ق , كما قدم المدعى المذكور ثلاث حوافظ مستندات تضمنت صوراً لصفحات من كتاب المستشرق الفيلندى جورج أوغست فالين (صور من شمالى جزيرة العرب فى منتصف القرن التاسع عشر ) وما ذكره عن جزيرة تيران وصور لخريطة ولصفحة (46) من كتاب صادر باللغة الإنجليزية من وزارة المالية المصرية باسم ( SURVEY OF EGYPT . INDEX OF PLACE NAMES ) صدر عام 1945 وتضمنت الخريطة تيران كجزء من الأراضى المصرية وتضمن الكتاب ذكر تيران كأرض مصرية وتحديد موقعها من حيث خط الطول وخط العرض , وصورة لخريطة مصر من أطلس إبتدائى للدنيا لاستعمالها فى المدارس المصرية عمل وطبع بمصلحة المساحة والمناجم على نفقة وزارة المعارف العمومية المصرية سنة 1922 وأعيد طبعه عام 1937 وتضمن جزيرة تيران باعتبارها من إقليم الدولة المصرية وقدم المدعى أصول تلك المستندات لمضاهتها بالصور المودعة ملف الدعوى وقامت المحكمة بمضاهاة الصور المودعة على الأصول , وأجلت المحكمة الدعوى لجلسة 14/6/2016 وكلفت جهة الإدارة بإيداع الاتفاقية وملاحقها وأعمالها التحضيرية , وبجلسة 14/6/2016 أودع الأستاذ مصطفى إبراهيم المحامى صحيفة طلب فيها قبول تدخله منضماً إلى المدعى فى الدعوى رقم 43866 لسنة 70 ق وأودع الأستاذ محمد قدرى فريد المحامى صحيفة طلب فيها قبول تدخله خصماً منضماً إلى المدعيين فى الدعويين , وأودع الأستاذ على أيوب المدعى فى الدعوى رقم 43709 لسنة 70 ق خمس حوافظ مستندات , وأودع الأستاذ خالد على عمر اصل الأطلس التاريخى للمملكة العربية السعودية إعداد وتنفيذ دار الملك عبد العزيز التى كان يرأسها الأمير سلمان بن عبد العزيز طبعة سنة 1421 هجرية – 2000 ميلادية ولم يتضمن جزيرتى تيران وصنافير ضمن الجزر التابعة للمملكة العربية السعودية والتى أورد الأطلس حصراً لها , وأودع نسخة من كتاب ( تاريخ سينا القديم والحديث وقوانينها) لنعوم بك شقير الذى صدرت طبعته الأولى عام 1916والخريطة المرفقة به والتى تضمنت جزيرتى تيران وصنافير وأودع كتابى الدراسات الاجتماعية للصف السادس الإبتدائى وجغرافية مصر للصف الأول الثانوى الصادرين من وزارة التربية والتعليم بجمهورية مصر العربية سنة 2015/2016 المتضمنين أن جزيرتى تيران وصنافير من الجزر المصرية ونسخة مصورة من كتاب المحميات الطبيعية فى مصر الصادرة من إدارة المحميات الطبيعية بجهاز شئون البيئة التابع لرئاسة مجلس الوزراء المصرى الطبعة الثانية عام 1995 وقدم اصل الكتاب للمضاهاة بالصورة وقامت المحكمة بمضاهاة الصورة بالأصل , كما أودع صورة ضوئية من خريطة وصفحة (32) من الأطلس الجامعى الصادر من جامعة كمبريدج سنة 1940 وتضمنت صفحة (32) أن جزيرة تيران تتبع مصر وقدم اصل الأطلس للمضاهاة وضاهت المحكمة الصور بالأصل , كما أودع المدعى عدد (21) حافظة مستندات طويت على صور القرارات والمستندات المعلاه على غلاف كل حافظة كما أودع مذكرة دفاع , وأودع الحاضر عن الدولة مذكرة دفاع دفع فى ختامها بعدم اختصاص المحكمة والقضاء عموماً ولائياً بنظر الدعوى واحتياطيا بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات خلال يومين حيث أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة تمسكت فى ختامها بالدفع أصليا بعدم اختصاص المحكمة والقضاء عموماً ولائياً بنظر الدعويين واحتياطيا بعدم قبول الدعويين لانتفاء القرار الإدارى وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .
كما يطلب المدعى فى الدعوى رقم 43866 لسنة 70 ق احتياطياً : وقف تنفيذ وإلغاء قرار جهة الإدارة السلبى بالامتناع عن وقف أى عمل من أعمال إخلاء جزيرتى تيران وصنافير أو يتعلق بتسليم الجزيرتين إلى المملكة العربية السعودية مع ما يترتب على ذلك من آثار واخصها استمرار مصر فى ممارسة حقوق السيادة كافة على الجزيرتين .
يضاف إلي ذلك أن الدستور الحالي حظر في المادة 97 منه تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء ، ومن ثم فالأصل هو اختصاص القضاء بنظر جميع الطعون التي توجه ضد أي عمل أو قرار يصدر عن جهة الإدارة ولا يخرج عن رقابته إلا ما يصدق عليه من هذه الأعمال أو القرارات أنه من أعمال السيادة وذلك التزاما لنص المادة 17 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 والمادة 11 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 ، ولما كانت نصوص هذين القانونين قد خلت من تحديد جامع مانع لما سمي بأعمال السيادة أو الضوابط والعناصر التي يستدل بها عليها فمن ثم كان علي القضاء وحده فيما يصدره من أحكام ويقرره من مبادئ في كل حالة علي حده تحديد ما يدخل من الأعمال أو القرارات ضمن هذه الأعمال وما يخرج عنها ، أخذًا بعين الاعتبار أن عدم اختصاص القضاء بنظر هذه الأعمال أو القرارات هو محض استثناء من الحظر المشار إليه بنص المادة 97 من الدستور ، وأن الأصل في تفسير النصوص أن الاستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع في تفسيره . وقد استقر قضاء هذه المحكمة مؤيداً بقضاء المحكمة الإدارية العليا علي أن أعمال السيادة هي تلك الأعمال التي تباشرها الحكومة باعتبارها سلطة حكم في نطاق وظيفتها السياسية وأن عدم امتداد الرقابة القضائية إليها التزاما بنص المادتين سالفتي الذكر ليس مرده أن هذه الأعمال فوق الدستور والقانون وإنما لأن ضوابط ومعايير الفصل في مشروعيتها لا تتهيأ للقضاء بالإضافة إلي عدم ملائمة طرح هذه المسائل علناً في ساحات القضاء وغني عن البيان أنه إذا انتفي هذا المناط كما هو الشأن في الدعويين الماثلتين وجب الالتزام بالأصل المشار إليه وهو اختصاص القضاء بنظر الطعون علي تلك الأعمال ، والثابت من الأوراق أن موضوع الدعويين مسألة قانونية خالصة تدور حول صحيح تطبيق نص المادة 151 من الدستور ومدي مشروعية التوقيع علي الاتفاق المطعون عليه بما يتضمنه من التنازل عن الجزيرتين المذكورتين في ضوء النصوص القانونية واللائحية والاتفاقيات التي تحكم وضعهما والظروف التاريخية والواقعية المحيطة بهما علي ما سيرد تفصيله ولا شك أن ما يتعلق بأرض الوطن والسيادة الثابتة عليه هو شأن كل مواطن في مصر والشعب وحده هو صاحب السيادة يمارسها ويحميها وهو مصدر السلطات ويصون وحدته الوطنية طبقاً لنص المادة 4 من الدستور ، ومن ثم فإن التنازل عن جزء من أرض هذا الوطن أو النيل من سيادته ليس من المسائل التي ينطبق عليها المناط سالف الذكر الذي أخذت به أحكام مجلس الدولة لإدراج عمل من أعمال الإدارة أو قرار ضمن طائفة أعمال السيادة والنأي به بعيداً عن رقابة القضاء .
ومن حيث إنه فى ظل العمل بالدستور المصرى الصادر عام 1971 اخضعت المحكمة الدستورية العليا المعاهدات التى اصبحت لها قوة القوانين لرقابتها وقضت بان ذلك يطرح على المحكمة توافر المتطلبات الشكلية ليكون لها قوة القانون ورفضت الاحتجاج بفكرة أعمال السيادة لمنعها من نظر الدعوى الدستورية المتعلقة بالاتفاقيات الدولية ( حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 19/6/1993 فى القضية رقم 10 لسنة 14 ق دستورية , وفى ظل العمل بأحكام دستور 1971 جرى قضاء محكمة القضاء الإدارى على الحكم بعدم الاختصاص بنظر معظم الدعاوى المقامة طعناً على المعاهدات الدولية إلا أن الواقع الدستورى فى مصر قد تغير وجد واقع دستورى جديد , فقد تضمن الدستور الحالى النص فى الفقرة الأخيرة من المادة (151) على أن : ( وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدات تخالف أحكام الدستور أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة ) وكانت المادة (145) من دستور 2012 تنص فى فقرتها الأخيرة على انه : ( ولا يجوز إقرار أى معاهدة تخالف أحكام الدستور ) حيث ورد القيد على سلطة مجلسى الشعب والشورى فى إقرار المعاهدات , أما نص المادة (151) من الدستور الحالى فقد ورد فيه الحظر على الابرام ومصطلح إبرام المعاهدات أعم وأشمل من مصطلح إقرار المعاهدات والحظر الوارد فى المادة (151) من الدستور يمتد إلى السلطة التنفيذية فهو يحظر عليها كل عمل من أعمال إبرام المعاهدات الدولية بما فيها التوقيع عليها إذا كانت المعاهدة تخالف الدستور أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة وذلك حتى لا ترتبط الدولة باتفاقيات من هذا النوع وهو حظر وقائى ومقصود ليجنب الدولة والمواطنين مخاطر إبرام اتفاقيات تخالف الدستور أو تؤدى إلى التنازل على أى جزء من إقليم الدولة وليمنع السلطة التنفيذية من الاقتراب من مثل هذه الاتفاقيات , كما أنه حظر مطلق ولا استثناء فيه ولا مجال للتحلل منه تحت أى ظروف أو مبررات وهو ما يوجب على السلطة التنفيذية قبل التوقيع على أى اتفاقية أن تدرسها دراسة دقيقة وافية للتأكد من خلوها من القيدين المشار إليهما , فإن تبين لها أن الاتفاقية مخالفة للدستور أو تؤدى إلى التنازل عن جزء من إقليم الدولة وجب عليها أن تحجم عن التوقيع عليها , وضمن الدستور بذلك احترام أحكامه وعدم جواز خرقها عن طريق اتفاقيات دولية , كما قصد التأكيد على أن لإقليم الدولة قداسة بالمعنى الوطنى وحرمه بالمعنى القانونى وانه يشكل وحده واحدة ولا سبيل إلى التنازل عن أى جزء منه , وأرسى الدستور بذلك فكرة الاختصاص الممنوع أو المحظور على السلطة التنفيذية فى مجال إبرام المعاهدات الدولية .
ومن حيث إنه حتى يمكن لجهة الإدارة التمسك بنظرية أعمال السيادة لمنع القضاء من نظر عمل من أعمالها فان أول شروط أعمال تلك النظرية هو أن يكون العمل القانونى داخلا فى اختصاصها , وأن يكون مستوفيا للاشتراطات التي يقررها الدستور ومتجنبا المحظورات التي يفرضها , فإذا ثبت انها غير مختصة به أو أن جهة الإدارة أهدرت الشروط التى يقررها الدستور أو وقعت في الحظر الذي يفرضه فلا يجوز لها أن تستتر خلف ستر أعمال السيادة لمنع القضاء من بسط رقابة المشروعية على عملها , وإذا كان دفع الحاضر عن جهة الإدارة بعدم اختصاص المحكمة ولا ئيا بنظر الدعوى , إنما ينطوى على تسليم لا ريب فيه بحدوث واقعة الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية فى ابريل 2016 الذي تتنازل فيه مصر عن جزيرتى تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية وذلك على النحو الوارد ببيان مجلس الوزارء , ولما كان الدستور فى الفقرة الأخيرة من المادة (151) قد حظر على السلطة التنفيذية إبرام اتفاقيات من شأنها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة فان قيام الحكومة المصرية بالتوقيع على ذلك الاتفاق لا يعد عملا من أعمال السيادة وإنما هو عمل من أعمال الإدارة مما يختص القضاء بنظر الطعن عليه التزاما بحكم المادة ( 97 ) من الدستور والذي حظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء , ويعد توقيع الحكومة المصرية على الاتفاقية المشار إليها بما ينطوى عليه من التنازل عن الجزيرتين سالفتي الذكر هو عمل قانونى إدارى تنبسط إليه ولاية محاكم مجلس الدولة إعمالا لحكم المادة ( 190 ) من الدستور , ومن ثم فان تقدير مشروعية توقيع الحكومة المصرية على الاتفاقية المشار إليها يدخل فى ولاية هذه المحكمة طبقا لنص المادة (190) من الدستور آنفة الذكر ونص البند( 14 ) من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة , ولا محل لاستناد جهة الإدارة إلى سابقة قضاء هذه المحكمة بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى فى شان اتفاقية السلام مع إسرائيل وأخرى كانت بشان اتفاقية تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة مع قبرص لان أحكام القضاء ليست جامدة وتتغير بتغير الموضوع والزمان والقانون الحاكم للنزاع , والاتفاقية محل هذه الدعوى تغاير فى موضوعها الاتفاقيتين المشار إليهما ، واللذين لم يثبت انطوائهما عن أي جزء من أراضي الدولة ، هذا فضلاً عن اختلاف النظام القانونى الذى تخضع له لان الدستور الحالى استحدث حكماً جديداً حظر بموجبه حظراً مطلقاً التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة بحكم خاص , فضلا عن أن هذه المحكمة لم تقض فى جميع الدعاوى الخاصة بالاتفاقيات الدولية بعدم اختصاصها ولائياً بنظرها فعلى سبيل المثال قضت بجلسة 28/5/2013 فى الدعوى رقم 12300 لسنة 67 بشأن نص فى الاتفاق الاوربى المتوسطى لتاسيس مشاركة بين حكومة جمهورية مصر العربية والجماعات الاوربية والتى صارت لها قوة القانون إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية ما تضمنه من إبرام اتفاقيات لإعادة توطين مواطنى دولة ثالثة فى مصر ومن ثم فان الاستناد إلى سوابق الأحكام غير مفيد لجهة الإدارة في هذا الشأن , ولا يغير مما انتهت إليه المحكمة في هاتين الدعويين بنظرهما.
ومن حيث إن رئيس مجلس النواب لا صفه له فى الدعويين ومن ثم يتعين عدم قبول الدعويين فى مواجهته وتكتفى المحكمة بالإشارة إلى ذلك فى الأسباب دون المنطوق .
ومن حيث إنه عن طلب التدخل المقدم من الأستاذ / خالد سليمان المحامى لقبول تدخله انضماميا إلى جهة الإدارة فى الدعويين فان طلبه استوفي أوضاعه الشكلية ويتعين قبول تدخله , وتكتفى المحكمة بالإشارة إلى نتيجة الفصل فى طلبات التدخل فى الأسباب دون المنطوق .
ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة ، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة , وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور ، أو يترتب عليها التنازل عن اى جزء من إقليم الدولة ) وقد حمل نص المادة (151) من الدستور الحالى المزيد من الضوابط والقيود على السلطة التنفيذية فى مجال إبرام المعاهدات على وجه يفوق ما كان عليه الحال فى ظل العمل بنص المادة (151) من الدستور الصادر فى عام 1971 ومن بعده المادة (144) من الدستور الصادر عام 2012 وذلك استشعاراً لخطورة المعاهدات الدولية وما قد يترتب عليها من تحميل الدولة بالتزامات دولية ويقع عبء التحمل بها فى النهاية على الوطن و على المواطنين فالدستور الصادر فى عام 1971 لم يكن يشترط موافقة مجلس الشعب إلا على معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة والمعاهدات التى يترتب عليها تعديل فى أراضى الدولة أو التى تتعلق بحقوق السيادة أو التى تحمل خزانة الدولة شيئا من النفقات غير الواردة فى الموازنة , كما كان الدستور الصادر فى عام 1971 قبل تعديله عام 2007 ، يشترط اخذ رأى مجلس الشورى على معاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التى يترتب عليها تعديل فى أراضى الدولة أو التى تتعلق بحقوق الدستور ، وبعد تعديل الدستور عام 2007 ، أوجب موافقة مجلس الشورى على المعاهدات المشار إليها , ولم يشترط الدستور الصادر عام 1971 أغلبية خاصة عند موافقة مجلس الشعب أو مجلس الشورى على المعاهدات التى تعرض على كل مجلس , أما المعاهدات التى لا تدخل فى الحالات التى أوجب الدستور الصادر عام 1971 عرضها على مجلس الشعب فانه كان بإمكان السلطة التنفيذية إبرامها ويكتفى بإبلاغ مجلس الشعب بها مشفوعة بما يناسب من بيان وتكون لها قوة القانون بعد التصديق عليها ونشرها دون حاجة إلى موافقة مجلس الشعب عليها , ثم فى ظل الدستور الصادر فى عام 2012 لم يعد بإمكان السلطة التنفيذية بمفردها إبرام أى معاهدات والتصديق عليها , وطبقاً لنص المادة (145) من الدستور الصادر عام 2012 فانه يجب موافقة مجلسى النواب والشورى على كل المعاهدات التى تبرمها السلطة التنفيذية ، فإذا تعلق الأمر بمعاهدات الصلح والتحالف أو المعاهدات التى تتعلق بحقوق السيادة فانه كان من الواجب موافقة المجلسين عليها بأغلبية ثلثى أعضائهما , وتضمنت المادة (145) من الدستور الصادر عام 2012 النص على عدم جواز إقرار أى معاهدة تخالف أحكام الدستور , أما فى ظل العمل بنص المادة (151) من الدستور الحالى فان الأصل طبقا لحكم الفقرة الأولى منها هو موافقة مجلس النواب على المعاهدات التى تبرمها السلطة التنفيذية ولا يجوز للسلطة التنفيذية أن تبرم أى معاهدة ويصدق عليها رئيس الجمهورية دون موافقة مجلس النواب ، وفى هذا الشأن يفترق الدستور الحالى عن الدستور الصادر عام 1971 ويتشابه مع الدستور الصادر عام 2012 أما بالنسبة الى معاهدات الصلح و التحالف وما يتعلق بحقوق السيادة فان الدستور الحالي يختلف عن الدستور الصادر عام 1971 و عن الدستور الصادر عام 2012 ، حيث أوجب نص الفقرة الثانية من المادة (151) من الدستور دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة وحظر النص التصديق على هذه المعاهدات إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة ، فالمرجع فى الموافقة على هذا النوع من المعاهدات إلى الشعب صاحب السيادة وحده فى مظهر من مظاهر الديمقراطيه التى تبناها الدستور , ومن حيث إن معاهدات الصلح هى المعاهدات التى تبرمها الدولة لإنهاء حالة الحرب مع دولة أخرى , ومعاهدات التحالف هى المعاهدات التى يترتب عليها دخول الدولة فى حلف عسكرى أو سياسى مع دولة أو عدد من الدول , أما عن المعاهدات المتعلقة بحقوق السيادة , فان حقوق السيادة هى الحقوق الحصرية التى تمارسها الدولة على إقليمها البرى و البحرى والجوى وعلى مواطنيها ، وعلى الأجانب الموجودين على أرضها ، ومن هذه الحقوق فرض نظامها القانونى والقضائى بتطبيق قوانينها على إقليمها وإخضاع المواطنين والأجانب المقيمين بالدولة للمحاكم الوطنية وسلطتها فى فرض الرسوم والضرائب وفى حماية إقليم الدولة عن طريق القوات المسلحة وفرض الأمن وحماية النظام العام بواسطة الشرطة ، وغير ذلك من حقوق تتعلق بسائر مظاهر السيادة التى يمكن للدولة أن تمارسها على إقليمها ، فإذا أبرمت الدولة معاهدة تتضمن قيودا على حقوق السيادة كتلك التى تقيد من وجود القوات المسلحة على جزء من إقليم الدولة أو التى تستثنى الأجانب من الخضوع للقانون أو القضاء الوطنيين أو تشمل تقرير امتيازات لدولة أخرى أو لرعاياها تمس سيادة الدولة ، فان تلك المعاهدة لا يجوز التصديق عليها قبل موافقة الشعب عليها فى استفتاء عام , وحظر الدستور فى الفقرة الأخيرة من المادة (151) إبرام المعاهدات التى تخالف الدستور ففرض الدستور احترام أحكامه ولم يجز مخالفته عن طريق المعاهدات الدولية , كما حظر إبرام المعاهدات التى يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة ، لان التنازل عن جزء من إقليم الدولة يزيل سيادتها عليه ويخرجه من نطاق إقليمها ومن حدودها ، وهذا الحظر لم يرد على إقرار هذا النوع من الاتفاقيات وإنما ورد على الإبرام – كما سلف تفصيله – إذ يمتنع وفقاً له توقيع هذا النوع من الاتفاقيات ، ولا الموافقة عليها ولا التصديق عليها ويسرى هذا الحظر فى مواجهة السلطة التنفيذية وفى مواجهة السلطة التشريعية وفى مواجهة جمعية الناخبين من أبناء الشعب , فمنع الدستور السلطة التنفيذية من التوقيع على معاهدات يترتب عليها النزول عن جزء من إقليم الدولة حتى لا تقدم على هذا العمل تحت ضغوط أو ملاءمات سياسية ذلك أن إقليم الدولة ليس ملكاً لها وإنما تلتزم فقط بحمايته وعدم التفريط فيه , كما منع الدستور مجلس النواب من الموافقة على أى اتفاقية من هذا النوع لان أعضاء البرلمان ينوبون عن الشعب والشعب ممنوع بدوره من التنازل عن أرضه ، وليس للنائب سلطة تزيد على سلطة الأصيل , ولم يجعل الدستور للشعب ممثلاً فى هيئة الناخبين سلطة الموافقة على التخلى عن أي جزء من إقليم الدولة فى استفتاء عام ، لان الدستور أوصد جميع الأبواب التى يمكن أن تؤدى إلى التنازل عن جزء من إقليم الدولة ، وكل عمل حظره الدستور لا يجوز لسلطة أو لأحد أن يجيزه , فأرض الوطن لا تخص جيلاً واحداً من المصريين وإنما تخص الأمة التى عاشت عليها أجيال سبقت وستبقى مهداً لأجيال قادمة يقع عليها أيضا واجب الدفاع عن هذه الأمة امتدادًا لما كان عليه أسلافهم ممن بذلوا ارواحهم واريقت دماؤهم واختلطت بتراب هذا الوطن حماية له و دفاعا عنه , لذلك منع الدستور التنازل عن أى جزء منه خاصة وأن حماية إقليم الدولة ووحدة وسلامة أراضيه هو التزام وواجب دستورى وقانونى فى عنق كل مواطن من مواطنى الدولة أيا كان عمله أو موقعه داخل سلطة ما أو فرداً عادياً , وقد جُبل المواطن على حماية ارض بلاده قبل أن يحضه على ذلك نص فى الدستور أو القوانين .
ومن حيث إن من شروط جواز التصرف أو العمل القانونى أن يجرى من شخص يملك سلطة إجرائه وإذا كان الأصل أن للشخص حرية التصرف فى شئونه وحقوقه الخاصه إلا إذا قيد المشرع سلطته فى هذا الشأن , أما إذا كان الشخص يجرى تصرفه فى إطار ولايته على غيره ولاية خاصة أو عامه فان الأصل فى الولاية على الغير أنها لا تقوم إلا بسند شرعى وفى حدوده وعند تخلف هذا السند أو مجاوزة حده فان الأصل هو حظر العمل لا إباحته , والسلطة التنفيذية فيما تجريه من أعمال قانونية إنما تتولاها نيابة عن الشعب ولحسابه وهى مقيدة فى ذلك بالدستور والقانون , فإذا حظر الدستور عليها اختصاصاً أو عملاً فلا يجوز لها أن تقترب من تخومه ولا أن تخوض فيه فإن قارفت عملاً ممنوعاً عليها بَطُل عملها وهوى فى دائرة عدم المشروعية.
ومن حيث إن دفع جهة الإدارة المدعى عليها فى ردها على الدعويين بعدم اختصاص المحكمة بنظرهما إنما ينطوي على إقرار من جانبها بأن الحكومة المصرية وقعت اتفاقاً لترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية فى ابريل 2016 تضمن تنازل مصر فى جزيرتى تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية وعلى الرغم من ذلك قعدت جهة الإدارة عن تقديم هذه الاتفاقية للمحكمة طوال مراحل نظر الدعوى على الرغم من تكليفها بذلك من قبل المحكمة ومن بعدها هيئة مفوضي الدولة لدى تحضير الدعوى ، وهو موقف غير مبرر ولا سند له , وقد قدم المدعون صورة مما نشر على موقع رئاسة مجلس الوزراء بتاريخ 9/4/2016 حول الاتفاق المشار إليه ، و تضمن أن الرسم الفنى لخط الحدود البحرية بين البلدين أسفر عن وقوع جزيرتى تيران وصنافير داخل المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية .
ومن حيث إن المدعيين قدما إلى المحكمة الوثائق والمستندات المشار إليها فى وقائع الدعويين والتى استدلا بها على أن جزيرتى تيران وصنافير من الجزر المصرية ، وجزء من إقليم الدولة المصرية والتمسا الحكم لهما بطلباتهما استناداً إلى ذلك ، بينما غيبت جهة الإدارة المدعى عليها نفسها عن الدفاع الموضوعى عن الاتفاق الذى وقعت عليه واعتصمت بالصمت فى هذا المجال وتمترست خلف الدفع الذى ابدته لمنع المحكمة من سماع الدعوى , وإذا كان من الجائز للأفراد فيما بينهم أن يلجأوا إلى حيل الدفاع يلتمسون من ورائها مصلحتهم الشخصية فان ما يجوز للأفراد فى هذا الشأن لا يليق بجهة الإدارة لأنها لا تقوم على شان شخصى ويتعين أن يكون رائدها الصالح العام فى كل عمل تأتيه حين تختصم أو تختصم أمام القضاء ، لا سيما حين يتعلق النزاع بشان وطنى يمس كل مصرى ويتصل بتراب الوطن وهو ما كان يستوجب الهمة فى الدفاع لإظهار الحقيقة أمام محكمة مصرية هى جزء من السلطة الوطنية وأمام شعب مصر صاحب السيادة والذى تعمل باسمه كل سلطات الدولة .
ومن حيث إن مصر دولة منذ أكثر من خمسة الاف عام فى موقعها المعلوم للكافة وزادت مساحتها فى اوقات قوتها إلى ما حولها من أراضى كما تعرضت لغزو أو احتلال واختلفت أوضاعها القانونية لكنها لم تزل من الوجود فى أى وقت وظل إقليمها متميزا فى كل مراحل التاريخ وارتبطت سيناء وجزيرتى تيران وصنافير والجزر المصرية فى خليج السويس والبحر الأحمر بمصر ارتباط الجزء بالكل ، وقد طبقت مصر القوانين واللوائح المصرية على جزيرتى تيران وصنافير ومنها اللوائح الخاصة بالحجر الصحى وتضمنت اللائحة المختصة بكيفية سير مصلحة الصحة الصادرة فى 3 يناير 1881 فى المادة (10) ( ضبط وربط ما يتعلق بالصحة البحرية والكورنتينات فى السواحل المصرية الممتدة على البحر الابيض المتوسط والبحر الأحمر وفى الحدود الارضية من جهة الصحراء تحال على عهدة نظار مكاتب الصحة ...) وعددت المادة (12) مكاتب الصحة من الدرجة الأولى ومنها ( مكتب حوض السويس ومحطة عيون موسى ومكتب الوجه المجعول مؤقتا فى الطور..... ) كما طبقت على الجزيرتين اللائحة الجمركية الصادرة فى 2 ابريل سنة 1884 وقد نصت المادة (1) منها على أن ( سواحل البحر المالح والحدود الفاصلة بين القطر المصرى والممالك المجاورة تعتبر خطاً للكمارك) , كما تضمنت المادة (2) من تلك اللائحة أن (... تمتد حدود المراقبة على السفن حتى مسافة عشرة كيلو مترات من الساحل .....) حيث وقعت الجزيرتان فى نطاق تطبيق لائحة الجمارك , وتضمنت الاتفاقية الموقع عليها والمتبادلة فى رفح فى 3 شعبان سنة 1324 هجرية الموافق أول أكتوبر سنة 1906 بين مندوبى الدولة العلية (تركيا) ومندوبى الخديوية الجليلة المصرية بشان تعيين خط فاصل إدارى بين ولاية الحجاز و متصرفية القدس وبين شبه جزيرة طور سينا النص فى المادة (1) على أن ( يبدأ الخط الفاصل الاداري كما هو مبين بالخريطة المرفوقة بهذه الاتفاقية من راس طابه الكائنة على الساحل الغربي لخليج العقبه ويمتد إلى قمة جبل فورت ماراَ على رؤوس جبال طابه ...... إلى شاطىء البحر الأبيض المتوسط ماراً بتلة خرائب على ساحل البحر ) وقد أصبح الخط الإدارى المشار إليه هو خط الحدود الدولية لمصر مع فلسطين ، ولم تتضمن الاتفاقية المشار إليها أى نص يترتب عليه خروج جزيرتى تيران وصنافير من الحدود المصرية , كما أن الجزيرتين تقعان عند مدخل خليج العقبة بعيداً عن المنطقة التى ورد الاتفاق بشأنها , كما تضمن كتاب أطلس ابتدائى للدنيا لاستعماله فى المدارس المصرية المطبوع بمصلحة المساحة والمناجم على نفقة وزارة المعارف العمومية فى مصر و المطبوع عام 1922 والمعاد طبعه عام 1937 والذى اطلعت المحكمة على اصله وأرفق بملف الدعوى صورة من خريطة مصر الواردة به وتضمنت جزيرتى تيران وصنافير ضمن الأراضى المصرية , والثابت من صورة كتاب مدير عام مصلحة الحدود بالنيابة بتاريخ 2/6/1943 إلى مدير مكتب وزير الدفاع الوطنى والخريطة المرفقة به رداً على كتاب الوزارة الخاص بطلب عدم اعاقة تحركات القوات البريطانية التى ستجرى مناورة حرب فى خليج العقبة ، وتضمنت الخريطة المرفقة تحديد مكان المناورات فى مضيق تيران وعلى جزء من جزيرة تيران ، وقد تضمن الكتاب الاشارة إلى الإجراءات التى اتخذت فى سبيل ذلك ، وهو الأمر المستفاد منه أن القوات البريطانية اخطرت مصر صاحبة السيادة على تلك المنطقة ومنها جزيرة تيران قبل إجراء المناورات .
- وصدر قرار وزير الداخلية رقم 865 لسنة 1982 والمنشور فى الوقائع المصرية بتاريخ 4/5/1982 وينص فى المادة (2) منه على أن : ( تنقل تبعية نقطة شرطة جزيرة تيران المستديمة من قسم شرطة سانت كاترين إلى قسم شرطة شرم الشيخ بمحافظة جنوب سيناء )
- وصدر قرار وزير السياحة رقم 171 لسنة 1982 المنشور بالوقائع المصرية بتاريخ 26/6/1982 باعتبار منطقة ساحل جنوب سيناء ( خليج العقبة ) منطقة سياحية وتضمن اعتبار المنطقة من طابا شمالا حتى راس محمد جنوبا والجزر الواقعة داخل المياه الإقليمية منطقة سياحية فى مجال تطبيق أحكام القانون رقم 2 لسنة 1973 باشراف وزارة السياحة على المناطق السياحية واستغلالها .
- وصدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1068 لسنة 1983 والمنشور بالوقائع المصرية بتاريخ 26/11/1983 بإنشاء محمية طبيعية فى منطقة راس محمد وجزيرتى تيران وصنافير بمحافظة جنوب سيناء .
ومن حيث أنه فضلاً عما سبق تفصيله من اعتبارات قانونية وتاريخية تثبت مصرية الجزيرتين ، فإن الواقع الحاصل علي الأرض منذ زمن بعيد أن الدولة المصرية تمارس علي الجزيرتين بالفعل حقوق سيادة كاملة لا يزاحمها في ذلك أحد لدرجة أن مصر ضحت بدماء ابنائها دفاعاً عن الجزيرتين وهو ما يفصح افصاحاً جهيراً عن أنهما أراض مصرية .
ومن حيث إن الفصل فى الدعويين يغنى عن الفصل فى الطلب الإحتياطى للمدعى فى الدعوى رقم 43866 لسنة 70 ق ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم المصاريف طبقاً لنص المادة 184 من قانون المرافعات.
ثانيا: بقبول الدعويين شكلا وببطلان توقيع ممثل الحكومة المصريةعلى اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية الموقعة فى ابريل سنة 2016 المتضمنة التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها استمرار هاتين الجزيرتين ضمن الإقليم البرى المصرى وضمن حدود الدولة المصرية واستمرار السيادة المصرية عليهما وحظر تغيير وصفهما بأى شكل لصالح أية دولة أخرى وذلك على النحو المبين بالأسباب وألزمت جهة الإدارة المصاريف .
يهمنا تفاعلك