وفي يوم 2020/1/16م أعلنت الشركة المطعون ضدها بصحيفة الطعن. وفي يوم 2020/1/30م أودعت الشركة المطعون ضدها مذكرة بدفاعها طلبت فيها رفض الطعن.
ثم أودعت النيابة مذكرتها أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه. وبجلسة 2024/1/15م عرض الطعن على المحكمة، في غرفة مشورة، فرأت أنه جدير بالنظر، فحددت لنظره جلسة 2024/2/19م وبها سمع الطعن أمام هذه الدائرة، على ما هو مبين بمحضر الجلسة، حيث صمم كل من محامي الطاعن والنيابة العامة كل على ما جاء بمذكرته، والمحكمة أصدرت حكمها بذات الجلسة.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / أحمد عبد المجيد الفقي نائب رئيس المحكمة " والمرافعة وبعد المداولة. حَيْثُ إِنَّ الطَّعْنَ اسْتَوْفَى أَوْضَاعَهُ الشَّكْلِيَّةَ.
ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع تقريره النهائي حکمت برفض الدعوى، بحكم استأنفه الطاعن بصفته لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ١٠٦١٠ لسنة ۲۲ ق، وبتاريخ ۲۰۱۹/۱۱/٥ قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طَعَنَ الطَّاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة، وأبدت الرأي برفض الطَّعْنِ، وإذ عُرض الطعن على المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، التزمت فيها النيابة رأيها.
وحَيْثُ إِنَّ هذا النعي في أسَاسِهِ سَدِيدٌ؛ ذلك إنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كان الأصل وفقا لما قررته المادة الأولى من قانون الإثبات أن المدعي هو المكلف قانونا بإثبات دعواه، وأن عبء الإثبات يقع على عاتق من يدعي خلاف الأصل، وهي القاعدة التي تجد أساسها في القاعدة الأصولية التي تقضي بأن البيئة على من ادعى، واليمين على من أنكر، إلا أن الأخذ بهذه القاعدة على إطلاقها لا يستقيم؛ ذلك إنَّه إذا كانت الدعوى مؤسسة على عقد يُنشئ التزامات متقابلة في ذمة كل من المتعاقدين، فإنه يقع على عاتق كل من التزم بالتزام عبء إثبات قيامه بما تعهد به، وذلك بغض النظر عما إذا كان هو المدعي أم المدعى عليه، وكانت عقود الخدمات - وهي العقود التي يلتزم بموجبها أحد الطرفين بتقديم أو نقل خدمة معينة للطرف الآخر مقابل أن يلتزم الأخير بسداد قيمتها، مثل عقود (نقل التيار الكهربائي والمياه والغاز الطبيعي وخدمات الاتصالات وخدمات البنوك ...... إلخ) - تقتضي وفقًا لطبيعتها أن يستأثر الطرف مقدم الخدمة بتحديد مقدار وقيمة الاستهلاك، وأسس المحاسبة، والإمساك بالمستندات والدفاتر والأوراق المعدة لإثبات ذلك، فإنَّه إذا ما ثارت منازعة بينه وبين الطرف الآخر - متلقي الخدمة - حول تلك الأسس - اقتضت الرجوع إلى هذه المستندات وتلك الأوراق - فلا يستقيم تكليف الطَّرفِ مُتلقي الخدمة بإثبات ما لا يمكنه إثباته إلا بتقديم الطرف مقدم الخدمة ما تحت يده من مستندات، ما كان الطرف الثاني ليتحصل عليها إلا عن طريق مقدم الخدمة ذاته، وإلا عد ذلك تكليفا بمستحيل بالمخالفة للقاعدة الأصولية أنه "لا تكليف بمستحيل"، ويتعين في هذه الحالة أن يلتزم مقدم الخدمة بتقديم كافة المستندات المتعلقة بموضوع النزاع، والمنتجة في الدعوى واللازمة لبيان وجه الحق فيها، متى طلب منه ذلك، فإذا ما قعد عن ذلك عُد قعوده قرينة لصالح متلقي الخدمة، ويُلقي بعبء الإثبات على مقدمها. وكان من المقرر أن النص في المادة ١/١٤٨، من قانون الإثبات على أنه يسمع الخبير أقوال الخصوم وملاحظاتهم، فإذا تخلف أحدهم عن الحضور أمامه أو عن تقديم مستنداته، أو عن تنفيذ أي إجراء من إجراءات الخبرة في المواعيد المحددة، بما يتعذر معه على الخبير مباشرة أعماله، أو يُؤدّي إلى التأخير في مباشرتها، جاز له أن يطلب إلى المحكمة أن تحكم على الخصم بأحد الجزاءات المقررة في المادة ۹۹ من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم ١٣ لسنة ١٩٦٨. ويسري على هذا الحكم الأحكام المبينة في المادة المذكورة. وفي المادة 148 مكرر من القانون ذاته والمضافة بالقانون رقم ٥٤ لسنة ١٩٧٤ أنَّه "لا يجوز لأية وزارة أو مصلحة حكومية أو هيئة عامة أو مؤسسة عامة أو وحدة من الوحدات الاقتصادية التابعة لهما أو أية جمعية تعاونية أو شركة أو منشأة فردية، أن تمتنع بغير مبرر قانوني عن إطلاع الخبير على ما يلزم الاطلاع عليه مما يكون لديها من دفاتر أو سجلات أو مستندات أو أوراق تنفيذا للحكم الصادر بندب الخبير وقد كان رائد المشرع من استبدال النص الحالي للمادة ١٤٨ بالنص القديم، وإضافة المادة ١٤٨ مكرر وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون ٥٤ لسنة ١٩٧٤ - أن الواقع العملي قد كشف أنه كثيرًا ما يتأخر الخبير في إنجاز المأمورية المكلف بها؛ وذلك إما بفعل الخصوم أو تخلف من تدعو الضرورة سماع أقوالهم عن الحضور أمام الخبير أو الامتناع عن إطلاعه على المستندات أو الأوراق التي يلزم الاطلاع عليها، وساعد على ذلك خلو القانون الحالي من نصوص صريحة تحمل الخصوم أو غيرهم على أن ينفذوا ما يطلبه الخبير من حضور أو تقديم مستندات أو إطلاعه عليها أو الإدلاء بأقوالهم أمامه. وإذا كان عمل الخبير يُعتبر امتدادًا لنظر الدعوى أمام القضاء، فإن من المنطقي أن تحاط الدعوى أمام الخبير بأحكام مماثلة للأحكام المقررة لها في مجلس القضاء، والتي من شأنها سرعة إعدادها للفصل فيها. وكان النَّصُ في المادتين ١/١٤٨ ، ۱٤٨ مکرر آنفتي البيان يدل على أن الحكم القضائي الصادر بندب خبير وتفويضه في الانتقال إلى إحدى جهات الجهاز الإداري للدولة أو الهيئات أو المؤسسات العامة أو الوحدات الاقتصادية أو الجمعيات والشركات والمنشآت الفردية للاطلاع على ما لديها من أوراق تتصل بموضوع الدعوى أو طلبه من الخصوم تقديمها، هو التزام قانوني فرضه المشرع على كافة الجهات، يستمد قوته من قوة الحكم القضائي الصادر به، وفي حالة الامتناع عن تنفيذه، بغير مبرر قانوني فإنَّه يُجيز للمحكمة مصدرة الحكم أو الدرجة التالية لها - سواءً من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب خبير الدعوى - توقيع الجزاءات المدنية المقررة بالمادة ۹۹ من قانون المرافعات من غرامات وغيرها من الجزاءات. وكان من المقرر أيضًا - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وهديًا بالمادتين ١٤٧، ١٤٨ من القانون المدني أن العقد شريعة المتعاقدين، وأنه يجب تنفيذه طبقًا لما اشتمل عليه، وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، ولا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه، وإنَّما يتناول أيضًا - ما هو من مستلزماته وفقا للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام. ومن المقرر كذلك - في قضاء النقض - أنه إذا طرح دفاع على المحكمة، كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى، فإن كان منتجا ، فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأت أنه متسم بالجدية مضت إلى فحصه؛ لتقف على أثره في قضائها، فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصرا. كما أن الغرض من ندب خبير في الدعوى هو الاستعانة برأيه في مسألة فنية لا يستطيع القاضي البت فيها، بما لازمه أن يباشر الخبير المهمة المنوط بها، وأن المناط في اتخاذ الحكم من تقرير الخبير دليلا في الدعوى أن يكون الخبير قد أدى المأمورية، واستند في تقريره إلى أسباب تكفي لحمله، وتصلح ردا على ما تمسك به الخصوم من أوجه دفاع ودفوع. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد أقام دعواه بغية ندب خبير القياس الأحمال وتحديد الحد الأقصى لقيمة استهلاك الكهرباء، وفحص حساباته لدى الشركة المطعون ضدها، وتسويتها، والزامها بما سيسفر عنه تقرير الخبير مع إلزامها برد مبلغ ٣٥٤٥٣٥.٣٥٠ جنيها إجمالي ما تم سداده حتى شهر فبراير ۲۰۱۰ ، وكان الحكم المطعون فيه قد رفض الدعوى استنادا لتقارير الخبراء المنتدبين فيها، رغم أنها قد خلت مما يفيد أن أيا من هؤلاء الخبراء قد أدى مهمته؛ إذ أجمعت التقارير الثلاثة على نتيجة مؤداها عدم تقديم أي من الطرفين لأية مستندات، والبين كما تقدم أن كافة المستندات تحت يد الشركة المطعون ضدها، وأن قياس الأحمال هو إجراء فني يتعين على الخبير إتمامه، فإذا ما اعتد الحكم المطعون فيه بهذا التقرير القاصر ، والتفت عن قعود الشركة المطعون ضدها عن تقديم المستندات سند المنازعة التي تستأثر بها، وعن دلالة الصورة الضوئية غير المجحودة لإيصال سداد مبلغ المحاسبة موضوع الطلب المضاف ومقداره ٣٥٤٥٣٥.٣٥٠ جنيها ، والذي قدمه الطاعن أمام محكمة الموضوع، فإنه يشوبه ما شاب سنده من قصور مبطل للحكم، بما يوجب نقضه، على أن يكون مع النقض الإحالة.
يهمنا تفاعلك