الشركات متعددة الجنسيات

نظرة قانونية حول الشركات متعددة الجنسيات 

مقدمة

الشركات متعددة الجنسيات تُعد من أبرز الفاعلين في الاقتصاد العالمي الحديث. فهي تمتلك قدرات هائلة في إدارة الأعمال على مستوى العالم بفضل وجودها في أكثر من دولة من خلال فروعها أو شركاتها التابعة. هذه الشركات تؤثر على السياسات الاقتصادية والاجتماعية في العديد من البلدان، مما يثير العديد من التساؤلات حول طبيعة القانون الذي تخضع له والمسؤولية القانونية التي تتحملها في حال ارتكابها أفعالًا تسبب أضرارًا للآخرين.

الطبيعة القانونية للشركات متعددة الجنسيات

الشركات متعددة الجنسيات عادة ما تكون شركات أم تمتلك فروعًا أو شركات تابعة في عدة دول. تأسيس هذه الشركات يتطلب الامتثال للقوانين الوطنية للدولة التي تنشأ فيها الشركة الأم، وكذلك القوانين المحلية للدول التي تعمل فيها من خلال فروعها. هذه الشركات تتميز بقدرتها على الاستفادة من الاختلافات في الأنظمة القانونية، الضريبية والعمالية بين الدول.

 القانون الخاضعة له الشركات متعددة الجنسيات

الشركات متعددة الجنسيات تخضع لقوانين متعددة ومتنوعة، ما بين القوانين المحلية للدول التي تعمل بها، والقوانين الدولية التي تحكم المعاملات العابرة للحدود. عند تأسيسها، تلتزم الشركة الأم بقوانين البلد الذي نشأت فيه، ولكن فروعها أو الشركات التابعة لها في الدول الأخرى تخضع لقوانين تلك الدول.


إضافة إلى ذلك، هناك العديد من الاتفاقيات الدولية التي تؤثر على هذه الشركات، مثل اتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقود البيع الدولي للبضائع (CISG)، التي تحكم العقود التجارية الدولية. كما أن الشركات متعددة الجنسيات ملزمة بالامتثال لقوانين التجارة الدولية، و قواعد منظمة التجارة العالمية ، واتفاقيات أخرى متعلقة بالبيئة وحقوق الإنسان.

الشركات متعددة الجنسيات سعر الصرف الذهب فلسطين السودان

المسؤولية القانونية المدنية للشركات متعددة الجنسيات

تتحمل الشركات متعددة الجنسيات مسؤولية قانونية كبيرة فيما يتعلق بالأضرار المدنية التي قد تتسبب بها في الدول التي تعمل بها. يمكن أن تشمل هذه الأضرار:

  • الأضرار البيئية: مثل التلوث أو تدمير الموارد الطبيعية، كما حدث في قضايا شهيرة ضد شركات نفط عالمية.
  • انتهاكات حقوق الإنسان: مثل سوء معاملة العمال أو تشغيلهم في ظروف غير إنسانية.
  • الانتهاكات الاقتصادية: مثل التهرب الضريبي أو الاحتكار.


في حال ارتكاب الشركة لمخالفة أو تسببها في ضرر، تكون مسؤولة أمام المحاكم الوطنية في الدول التي وقع فيها الضرر. على سبيل المثال، إذا تسببت شركة متعددة الجنسيات في تلوث بيئي في دولة معينة، تكون تلك الدولة مختصة قانونيًا بمقاضاة الشركة، وقد تُلزم الشركة بتعويض المتضررين وفقًا للقوانين المحلية.

القانون الواجب التطبيق

تحديد القانون الواجب التطبيق في النزاعات بين الشركات متعددة الجنسيات والأطراف الأخرى يُعد من أهم التحديات القانونية. نظرًا لأن الشركة تعمل في عدة دول، قد تختلف القوانين المطبقة بناءً على طبيعة النزاع:

  • النزاعات المتعلقة بالعقود: يتم تحديد القانون الواجب التطبيق غالبًا من خلال شروط العقد ذاته. ففي كثير من الأحيان تنص العقود الدولية على القانون الذي يجب أن يحكم النزاع (غالبًا ما يكون قانون الدولة التي يوجد فيها مقر الشركة الأم أو قانون دولة محايدة).
  • المسؤولية عن الأضرار: هنا يأتي مبدأ القانون الأقرب للنزاع (Lex Loci). 

على سبيل المثال، إذا حدث الضرر في دولة معينة، فإن قانون تلك الدولة قد يكون هو القانون المطبق.


إضافة إلى ذلك، تلجأ العديد من الشركات متعددة الجنسيات إلى التحكيم الدولي كوسيلة لحل النزاعات، حيث يتم الاتفاق على اللجوء إلى جهة تحكيم دولية محايدة لتسوية النزاع بعيدًا عن المحاكم المحلية. أشهر مؤسسات التحكيم الدولي تشمل محكمة التحكيم الدائمة و مركز التحكيم الدولي في باريس.

 الخلاصة

الشركات متعددة الجنسيات تلعب دورًا كبيرًا في الاقتصاد العالمي، مما يتطلب وضع إطار قانوني متين ينظم أنشطتها ويحمي الدول والأفراد المتعاملين معها. ورغم التحديات التي يفرضها تعدد الأنظمة القانونية، يبقى على الدول تعزيز تعاونها لضمان مساءلة هذه الشركات بشكل يتوافق مع العدالة والقوانين الدولية والمحلية.


تعليقات
    20231230-155210-0000