حق الدفاع

حق الدفاع ودوره في تحقيق العدالة

د/ محمد عويان

حق الدفاع: 
هو من مسلمات حقوق الإنسان وهو أحد الأركان في دولة يسود فيها القانون, وعلى حد تعبير المحكمة الدستورية العليا لا يمكن فصله أو عزله عن حق التقاضي, فحق الدفاع وحق التقاضي حقان يتكاملان ويعملان معا في دائرة الترضية القضائية فلا قيمة لحق التقاضي مالم يكن مقرونا بضمانة حق الدفاع.   

كما أن حق الدفاع نادت به كافة الشرائع السماوية سابقة على الشرائع الوضعية, وقد كفله الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي شاركت مصر في إعداده وصياغته. وأقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1948.                                                             

ومن حق الدفاع إبداءه على الوجه الأكمل لتحقيق العدالة والإنصاف بين المتخاصمين ولا يحق إعتراض الدفاع أو مقاطعته لحظة إبداءه مادام دفاعه متعلق بموضوع الدعوى القضائية المطروحه أمام القضاء ولم يخرج به عن متطلباتها, وعند تجاوزه بالخروج عن الُأطر المشروعة وفق القانون, وجب إثبات ذلك بمحضر الجلسة للدعوى أو الإجراء المتداول وإحالة الأمر للنيابة العامة لإجراء التحقيق بشأنه وإصدار الأمر بالتصرف في الأوراق, وذلك إذا ما دعت الوقائع والظروف لذلك دون المساس بشخص الدفاع, كما أن الدفاع مكفول له حق الرد والمخاصمة للقاضي إذا ما توافرت مبرراتهما وأسبابهما, حتى تتزن الموازين وتتحقق العدالة بين المتخاصمين.                 

ومن المعلوم أن الدفاع يتمثل في شخص المحامي والمحامي بدوره قد حمل رسالة من أعظم الرسالات يا سادة "المحاماه" وهي لا تقل في مهمتها عن مهمة القضاء حيث قال عبدالعزيز باشا فهمي ثاني نقيب للمحامين وأول رئيس لمحكمة النقض" إذا وازنت بين عمل القاضي وعمل المحامي, لوجدت أن عمل المحامي أدق وأخطر, لأن مهمة القاضي الوزن والترجيح, أما مهمة المحامي فهي الخلق والإبداع والتكوين.                                                        

لذا فإن المحامي يجب عليه إنتقاء ألفاظه حين يبدي دفوع يتطلبها النزاع موضوع الدعوى, والدفع قد يرتبط بموضوعها كما أنه قد يُلحق بشكل الدعوى أي إجراءات رفعها قبل نظر الموضوع وعن أي الدفوع يلزم إبداءه أولا.                                                          

والدفع بمعناه العام يطلق على جميع وسائل الدفاع التي يمكن للخصم استعمالها أو الاستعانة بها ليجيب على دعوى خصمه. بقصد تفادي الحكم لخصمه بما يدعيه سواء أكانت هذه الوسائل موجهة إلي الخصومة أو بعض إجراءاتها, أو موجهة إلي أصل الحق المدعى به أو إلي سلطة الخصم في استعمال دعواه منكرا إياها.

أما عن معناه الخاص في اصطلاح قانون المرافعات على الوسائل التي يستعين بها الخصم ويطعن بمقتضاها في صحة إجراءات الخصومة دون أن يتعرض لأصل الحق الذي يزعمه خصمه فيتفادى بها مؤقتا الحكم عليه بمطلوب خصمه كأن يجيب بأن الدعوى قد رفعت إلي محكمة غير مختصة أو رفعت بإجراء باطل, ووسائل الدفاع هذه تعرف بالدفوع الشكلية.

وفي إطار التعريف بمعنى الدفاع ودوره في تحقيق العدالة وما جرا عليه التعديل الحالي لقانون الإجراءات الجنائية والذي ساد الجدال والإعتراض على العديد من نصوصه المتعلقة خاصة بحق الدفاع بداية من إمتثاله أمام النيابة العامة وتحجيم دوره وتقليصه بل جعله في إنكماش خشية القبض عليه أثناء مرافعته أمام منصة القضاء وإحالته للنيابة العامة للتحقيق معه بشأن بادرة تشويش قد تصدر دون قصد أو تعمد الإخلال بنظام الجلسات, مما يثير القلق لدى الدفاع ويخل بضمانتي حق التقاضي وحق الدفاع اللذان يعملان معا في دائرة الترضية القضائية إذا ما خرج هذا القانون المعيوب والمشوب بعدم الدستورية والجحود والإجحاف لرسالة من أعظم الرسالات يا سادة "المحاماه" فكيف للدفاع أن يأمن وأن يُحصن وقانون يُلاحقه بالتعرض له والقبض عليه في أي لحظة من لحظات وقوفه أمام منصات القضاء, فإن مشروع قانون الإجراءات الجنائية الحالي تعديلا لقانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950هو بمثابة هدم لكافة الضمانات التي تكفل حق الدفاع بل تهدم حق المتهم والمجني عليه وكافة الحقوق لأي من المتخاصمين.     

"المحاماه حصن حصين لا يستهان به فمن أهان المحاماه فقد أهان مجتمعا بكامله, وصار حكمه كحكم الغابات لا حكم التشريعات والقوانين ومبادئ الدساتير والمواثيق والأعراف الدولية ".

           تحياتي دكتور محمد عويان المحامي.
01004820476
تعليقات
    20231230-155210-0000