تقادم الالتزام

الدكتور/ محمد عويان
صورة الكاتب

تقادم الالتزام

 
باستقراء نصوص القانون المدني المصري رقم 131لسنة 1948 تبين من نص المادة 374مدني أن الالتزام يتقادم بمضي المدة وقد يكون هذا التقادم تقادما مكسبا أو تقادما مسقطا وقبل التعرض لنص المادة وما ورد بشأن التقادم من أحكام نقض أود التعرض للتعرف على معنى التقادم سواء المكسب أو المسقط والتقادم بشكل عام وذلك على النحو التالي:
التقادم بشكل عام: 
هو انقضاء الحق إذا مضت عليه مدة معينة دون أن يطالب به الدائن أو دون أن يستعمله صاحبه.  
والتقادم عموما كمعنى دون السياق القانوني له : 
هو فقدان الموجودات لقيمتها بسبب دخول موجودات جديدة من الفئة نفسها وذات الفاعلية أو الانتاجية أو المواءمة الأفضل.
وهناك فارق بين التقادم والسقوط : 
حيث أن التقادم هو مرور الزمن على الحق المتنازع به يجعل من المطالبة القضائية معه ممتنعة إذا تمسك بذلك الأطراف, بينما السقوط هو مدة وضعها المشرع لممارسة حق من تحت طائلة سقوط هذا الحق نهائيا وامتناع المطالبة به دون أن يخلف أي أثر ويحق للقاضي إثارته من تلقاء نفسه. 

ويُعرف التقادم  المسقط بأنه سكوت شخص عن المطالبة بدينه، لفترة زمنية محددة، بعد حلول أجل الدين، أو امتناعه عن المطالبة بحق من حقوقه سواء كانت شخصية أو عينية عند عدم استعمالها، فيؤدي ذلك الى انقضاء الالتزام، ولا يستطيع اجبار المدين على الدفع، فيتحول من التزام قانوني واجب الوفاء الى التزام طبيعي جائز الوفاء فينتفي فيه عنصر المسؤولية ويقتصر فقط على عنصر المديونية، ويرتكز هذا التقادم على المدة بصورة جوهرية ولا يستطيع الدائن رفع دعوى للمطالبة بدينه من خلال القضاء.

ولا بد من الاشارة الى ان التقادم يعتبر من النظام العام ولا يجوز الاتفاق على خلافه، والغاية الاساسية منه تحقيق المصلحة العامة، وهي تعتبر من ناحية اخرى جزاء لصاحب الحق نتيجة لاهماله في استعمال حقه او المطالبة به، خلال المدة المقررة وهي خمس عشر سنة، دون عذر شرعي اما اذا اقر المدين بوجود حق عليه و بشغول ذمته بالدين، فينتج عن ذلك عدم ترتيب اي اثر للتقادم، لانه تنازل عن حقه ولم يتمسك به, “الساقط لا يعود”، ويستفيد الدائن من هذا الاقرار امام المحكمة ويستطيع المطالبة بتنفيذ الالتزام.

أما عن التقادم المكسب فمن المعروف أن حق الملكية حق يتصف بالديمومة لا يسقط بعدم الاستعمال والاهمال، ويبقى لصاحبه طالما لم ينتقل لشخص اخر باحدى طرق كسب الملكية المحددة قانوناً، حيث انه عند وجود اهمال من المالك وعند امتناعه عن استعمال حقه واقترن بذلك وضع اليد هنا حق الملكية يكسب بالتقادم المكسب، ومدة التقادم المكسب خمس عشر سنة ويطبق على العقارات والمنقولات، والتقادم المكسب القصير ومدته خمس سنوات ويطبق على العقارات ويسري التقادم المكسب على الحقوق العينية الاصلية والتبعية دون الشخصية، فعندما يكون للشخص حيازة هادئة على مال قيمي ويتصرف فيه تصرف المالك، دون ان يقطع هذه الحيازة اي عائق او مطالبة من الغير يكتسبه بالتقادم.

كذلك يجب على الحائز في التقادم المكسب التمسك به أمام المحكمة، و لايجوز للمحكمة ان تحكم به من تلقاء نفسها، فيتم التمسك به من صاحب المصلحة، وذلك لانه لا يعتبر من النظام العام حسب نص المادة (387) من القانون المدني المصري، ولا بد من الاشارة الى ان كل من التقادم المسقط والمكسب تسري عليهم ذات القواعد المتعلقة بالوقف و الإنقطاع.

مثال على التقادم المكسب: 
قيام شخص بالاعتناء بارض غير صالحة للسكن او الزراعة وقيامه بجعلها صالحة وبذله جهود كبيرة عليها، وقام بحيازتها حيازة هادئة ولفترة زمنية طويلة، دون وجود اي عارض او مطالبة من قبل اي شخص، فهنا و بما يتناسب مع القانون ، يتم إكتسابها بالتقادم.
وإليكم نص المـادة 374: 
يتقادم الالتزام بانقضاء خمس عشرة سنة فيما عدا الحالات التي ورد عنها نص في القانون وفيما عدا الإستثنناءات التالية.
فالتقادم المقترن بالحيازة لا يكسب المتمسك به إلا ما حازه من حقوق عينية فقط دون الحقوق الشخصية وهو ما اصطلح على تسميته بالتقادم المكسب, أما التقادم المسقط للحقوق وهو عدم استعمال صاحب الحق له مدة معينة فإنه يسقط الحقوق الشخصية والعينية على سواء باستثناء حق الملكية لانه حق مؤبد, فالبين من النص يدل على أن الإلتزام وهو الحق الشخصي للدائن الذي يخوله مطالبة مدينه إعطاء شئ أو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل وسائر الالتزامات التي مصدرها القانون تتقادم كأصل عام بمضي خمس عشر سنة مالم يوجد نص خاص يخالف ذلك باعتبار أن التقادم سبب لانقضاء الحقوق الشخصية أو العينية احتراما للأوضاع المستقرة كأصل عام واعتداد بقرينة الوفاء أو جزاء لإهمال الدائن في حالات خاصة والأصل أن يبدأ التقادم وعلى ما تقضي به المادة 381 مدني من تاريخ الاستحقاق مالم ينص القانون على غير ذلك فإذا كان ميعاد الاستحقاق متوقفا على إرادة الدائن فإن مدة التقادم تسري من الوقت الذي    يتمكن فيه الدائن من المطالبة بدينه. 
(الطعن رقم 1911 لسنة 79 ق جلسة 6/ 5/ 2010).
تحياتي 
دكتور محمد عويان المحامي.
01004820476
تعليقات