محكمة النقض: مجرد لجوء الخصم إلى القضاء لا يُشكل خطأ يوجب التعويض — ولا تقوم المسؤولية إلا بثبوت أن الدعوى كانت كيدية أو الغرض منها الإضرار بالخصم دون مصلحة مشروعة
(المبادئ) القضائية
- الخصوم في الطعن بالنقض: لا يقبل اختصام من لم يكن خصماً حقيقياً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه؛ والمعيار هو توجيه الطلبات منه أو إليه. إذا لم يُقضَ له أو عليه بشيء فإنه لا يعتبر خصماً حقيقياً فلا يقبل اختصامه في النقض.
- الاستعمال المشروع للحق وحدوده: استعمال الحق (ومن ذلك الحق في التقاضي) حق مباح لا ينعقبه مسئولية إلا إذا ثبت أن استعماله انحرف عن مقصده إلى الغاية الوحيدة بإيذاء الغير (أي افتقاده لأي مصلحة مشروعة لدى مستعمل الحق). القصد بضرر الغير هو ما يميز الاستعمال غير المشروع. (مفاد المادتين ٤، ٥ مدني).
- إثبات المسئولية التقصيرية لإساءة استعمال الحق: استخلاص الفعل المكون للخطأ من الأوراق من اختصاص محكمة الموضوع، شرط سَائغية الاستخلاص وكون له أصل ثابت بالأوراق. والحكم الذي يقضي بمسئولية صاحب لاستعمال حقه ينبغي أن يورد العناصر الواقعية والظروف التي تستوجِب استخلاص نية الانحراف والكيد؛ وإلا كان الاستدلال معيباً وخطأً في تطبيق القانون.
— — —
وقائع الدعوى باختصار
- رفع المدعون (الطاعنون) دعوى مطالبة تعويض (الأصلية) عن أضرار مادية وأدبية بقيمة ٥٠,٠٠٠ جنيه بسبب لجوءهم للجهات القضائية وصدور حكم أوقف تنفيذ تراخيص تركيب مصعد.
- المدعون مستأجرون لوحدات سكنية في عقار مملوك للمطعون ضدهما. تقدموا بدعوى مستعجلة للحصول على تصريح بتركيب مصعد واستخرجوا تراخيص بناءً على حكم صادر لهم (دعوى ١٩٩٥).
- المطعون ضدهم أقاموا الدعوى المطالبة بالتعويض (١٩٩٨) مدعين إساءة استعمال حق القضاء وأن الطاعنين ادعوا ملكية زائفة للعقار واقتطعوا حق المالك.
- محكمة الموضوع رفضت دعواهم. استئناف المطعون ضدهم قضى بقبول التعويض لهم (قضاء الاستئناف نقضه الطاعنون أمام محكمة النقض).
- النيابة دعت بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما ثانياً.
— — —
حيثيات المحكمة
- عدم قبول الاختصام: قضت المحكمة بأن المطعون ضدهما ثانياً لم يُقضَ لهما أو عليهما بشيء في النزاع أمام محكمة الموضوع، ومن ثم لا يُعدان خصمين حقيقيين في الطعن؛ فيكون الطعن بالنسبة لهما غير مقبول شكلاً.
- في جوهر المسألة (إساءة استعمال حق التقاضي): أيدت محكمة النقض القاعدة القائلة بأن اللجوء إلى القضاء وطلب إذن بتركيب مصعد من الحقوق المباحة، ولا يُسأل المطعون عليهم عن أضرار ناجمة عن ذلك إلا إذا ثبت انحراف استعمالهم للقضاء نحو الغاية الوحيدة بإلحاق الضرر بالخصم وافتقاده لكل مصلحة مشروعة.
- قصور استدلال محكمة الموضوع: اعتبرت المحكمة أن استناد محكمة الاستئناف لإثبات إساءة الاستعمال على طلب الطاعنين ترخيص المصعد وادعائهم الملكية لا يكفي للدلالة على الانحراف أو القصد بالإضرار؛ لأن المدعين استأجروا وحدات وكان مطلبهم يسعى لمنفعة مشروعة (تحسين وحداتهم) ولم يثبت أنهم قصدوا الإضرار أو تلاعبوا بالحق.
- خلاصة الرقابة: إذ أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية يجب أن يكون سائغاً ومسنداً بأدلة في الأوراق، وحكم محكمة الاستئناف في القضية خلا من هذا البيان السائغ، فقد وقع فيه فساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون.
— — —
منطوق الحكم
- في الموضوع: رفض الاستئناف المطعون به وإقرار صحة قضاء محكمة الموضوع فيما انتهى إليه (أي رفض دعوى المطعون ضدهم بالتعويض) — (صيغة الحكم: "القضاء في موضوع الاستئناف رقم … لسنة … برفضه وتأييد الحكم المستأنف").
- في الشكل: قبول الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما ثانياً لعدم كونهما خصمين حقيقيين في الخصومة التي فصل فيها الحكم المطعون فيه.
يهمنا تفاعلك