الـQr

إعداد/ فريق تحرير محامين الإسكندرية

صورة فريق التحرير

كل ما تحتاج معرفته عن رموز الاستجابة السريعة (QR): حقيقة تسميتها بالباركود واستخداماتها الواسعة

أصبحت رموز الاستجابة السريعة أو ما يُعرف اختصارًا بـ QR جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية، سواء في الخدمات الحكومية أو التجارية أو حتى في الاستخدامات الشخصية. وقد تطورت هذه التقنية بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة لتصبح وسيلة فعالة وسريعة لنقل المعلومات والوصول إلى البيانات دون الحاجة إلى كتابة نصوص طويلة أو إدخال روابط معقدة. ورغم انتشار استخدامها الكبير، لا يزال الكثيرون يخلطون بين رمز QR والباركود التقليدي، مما يطرح سؤالًا مهمًا: هل يصح إطلاق كلمة "باركود" على رمز الاستجابة السريعة؟ هذا المقال يقدم شرحًا مفصلًا يوضح طبيعة QR، وفوائده، وأبرز استخداماته، والفروق التقنية بينه وبين الباركود، مع تناول تاريخ نشأته وكيف أصبح أحد أهم أدوات التحول الرقمي المعاصر.

في البداية يجب معرفة أن رمز QR عبارة عن مصفوفة ثنائية الأبعاد تتكون من نقاط سوداء وبيضاء يتم ترتيبها داخل مربعات دقيقة تسمح بتمثيل كمية كبيرة من البيانات. ويتميز هذا الرمز بأنه قابل للقراءة بسرعة شديدة، حتى في حالة تعرضه للتلف الجزئي أو التعرّض لعوامل بيئية معينة مثل الضوء القوي أو الانعكاسات. وقد تم تطويره لأول مرة في اليابان عام 1994 على يد شركة Denso Wave بهدف تتبع قطع غيار السيارات في خطوط الإنتاج، قبل أن ينتشر عالميًا مع ظهور الهواتف الذكية التي دمجت كاميرات عالية الدقة وبرامج قراءة رموز QR.

أما الباركود التقليدي، فهو عبارة عن خطوط عمودية سوداء وبيضاء بأطوال وسماكات مختلفة، ويتم قراءته باتجاه واحد فقط باستخدام أجهزة مسح ضوئي متخصصة. ونتيجة لطبيعة تصميمه، فإن حجم البيانات التي يمكن تخزينها داخل الباركود محدود مقارنة برمز QR، الذي يستطيع احتواء روابط إلكترونية طويلة، نصوص، أرقام، معلومات اتصال، بيانات مواقع جغرافية، وغير ذلك. ولهذا السبب أصبح رمز الاستجابة السريعة هو الأكثر انتشارًا في العالم الرقمي، بينما بقي الباركود مستخدمًا بكثرة في الأسواق والمتاجر الخاصة بقراءة الأسعار وتتبع المنتجات.

ورغم أن الكثيرين يستخدمون مصطلح باركود للإشارة إلى QR، فإن هذه التسمية ليست دقيقة من الناحية التقنية، فكل QR هو رمز يمكن اعتباره جزءًا من عائلة الرموز الثنائية، لكنه ليس باركود تقليديًا. الاختلاف بينهما يشبه الاختلاف بين الكتاب الورقي والكتاب الإلكتروني؛ كلاهما وسيلة لنقل المعلومات، لكن طريقة التخزين والاستخدام مختلفة تمامًا. ومع ذلك أصبح استخدام كلمة باركود شائعًا بسبب اعتياد الناس على المصطلح، ولأن كلا النوعين يؤدي وظيفة مشتركة تتمثل في تخزين البيانات ونقلها بسرعة.

ومع توسع استخدام الإنترنت والهواتف الذكية، زادت أهمية QR بشكل ملحوظ، خاصة في فترات الأزمات العالمية، مثل فترة انتشار فيروس كورونا، حيث استخدمته المؤسسات الصحية والحكومية في تتبع التحركات، تسجيل الحضور، والتحقق من هوية الزائر، وتقليل التعامل المباشر مع الأوراق أو اللمس المتكرر للأسطح. وقد لعب QR دورًا أساسيًا في دعم خدمات الدفع الإلكتروني، حيث يمكن تنفيذ عمليات الدفع خلال ثوانٍ بمجرد مسح الرمز باستخدام تطبيقات المحافظ الإلكترونية أو البنوك.

ومن أبرز المجالات التي استفادت بشكل كبير من رمز QR هي مجال التسويق الرقمي. إذ أصبح من الشائع رؤية QR على الإعلانات المطبوعة، عبوات المنتجات، الكتالوجات، والفواتير، بحيث يتمكن المستخدم من زيارة الموقع الإلكتروني أو تحميل تطبيق أو الحصول على عرض خاص دون إدخال أي بيانات. كما يُستخدم بكثرة في المطاعم لعرض قوائم الطعام الرقمية بدلًا من القوائم الورقية التقليدية، ما يوفر تجربة نظيفة وآمنة وسريعة للزبائن.

وفي المجال التعليمي، أصبح QR وسيلة فعّالة لربط الطلاب بالمواد التعليمية، الدروس المصورة، الاختبارات الإلكترونية، والسجلات الأكاديمية. وقد ساهم في تقليل الاعتماد على الأوراق وتسهيل عملية مشاركة المحتوى بين الطلاب والمعلمين دون مجهود إضافي. أما في مجال الأعمال، فهو يُستخدم في التحقق من الحضور والانصراف، تسجيل المنتجات، تتبع الشحنات، وإدارة المستودعات، مما يوفر وقتًا وجهدًا كبيرين مقارنة بالطرق التقليدية.

ومع تطور تصميمات QR، لم تعد هذه الرموز مجرد مربعات سوداء وبيضاء، بل أصبحت قابلة للتخصيص بالكامل، مع إمكانية دمج الصور، الشعارات، والألوان دون التأثير على قدرة القارئ في التعرف عليها. وقد أدى ذلك إلى تحولها من رموز تقنية جامدة إلى عنصر بصري يمكن دمجه في الهوية البصرية للشركات. ويمكن اليوم إنشاء QR مميز يحمل هوية العلامة التجارية ذاته، مما يمنح انطباعًا احترافيًا ويزيد من ثقة المستخدم.

كما أصبح رمز QR عنصرًا مهمًا في تسهيل الوصول إلى الخدمات الحكومية. فالكثير من الجهات الحكومية توفر إمكانية الوصول إلى الخدمات الإلكترونية عبر رموز QR مطبوعة على الإعلانات الرسمية أو اللوحات الإرشادية، مما يساعد المواطن في الوصول إلى الخدمة المطلوبة دون بحث طويل أو الدخول إلى صفحات معقدة. وتستخدم بعض الوزارات رموزًا مخصصة للتحقق من صحة المستندات الرسمية، مما يقلل من فرص التزوير ويعزز الشفافية والموثوقية.

ومن الجدير بالذكر أن QR يتميز بقدرته الكبيرة على تحمل الأخطاء. حيث يمكنه العمل حتى لو تعرضت بعض أجزائه للتلف بنسبة قد تصل إلى 30%، وذلك بفضل خاصية تصحيح الأخطاء المدمجة داخله. وهذا ما يجعله مناسبًا للطباعة على المواد التي قد تتعرض للتلف أو الخدش أو التعرّض للعوامل البيئية المختلفة. كما يمكن قراءته في ظروف إضاءة منخفضة أو حتى من مسافات متوسطة، وهو ما يفتقر إليه الباركود التقليدي.

ومع استمرار التطور التكنولوجي، يمكن القول إن رمز الاستجابة السريعة أصبح من الأدوات التي لا غنى عنها في المستقبل. فمن المتوقع أن يزداد استخدامه في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، إنترنت الأشياء، التعليم الذكي، التقارير الطبية، والبطاقات الإلكترونية. كما يتوقع الخبراء أن يصبح جزءًا من عمليات التحقق الحيوية مثل تسجيل الدخول الآمن والتعرف على الهوية الرقمية.

وبعد هذا العرض التفصيلي، يمكن التأكيد أن إطلاق كلمة باركود على رمز QR ليس دقيقًا، رغم انتشارها بين الناس. فكل منهما يعتمد على مبدأ ترميز البيانات، لكن رمز QR يتميز بأنه أكثر تطورًا، أسرع في القراءة، وقادر على تخزين بيانات أكبر بكثير، ويعمل في ظروف بيئية أصعب، ويُقرأ من جميع الاتجاهات. ولذلك يُفضل استخدام المصطلح الصحيح "رمز الاستجابة السريعة" أو "QR" عند الإشارة إليه، خاصة في الأعمال القانونية والتقنية والمحتوى الاحترافي.

تعليقات