الكاتب: أ/ علاء رضوان
الصحفي المتخصص بالشأن القانوني
سابقة قضائية تكشف "أزمة نسب"..
"الاستئناف" تؤيد "نفى نسب الصغير" بالبصمة الوراثية
- الحقيقة منذ أن قُمت بنشر حكم "إثبات النسب" الأخير، وصلتنى كتير من الرسايل على مستوى الجمهورية، بتأكد أن الملف دا شائك وفى منتهى الخطورة.
- الحكم اللى بين إيدينا تقدر تقول أنه سابقة قضائية أن محكمة تانى درجة، تقوم بتأييد حكم أول درجة القاضى بنفى نسب الصغير بالإستناد للبصمة الوراثية،، الحكاية طويلة ومحتاجة نطول بالنا شوية
وقائع الدعوى
- الوقائع تتلخص في "زوج" يبلغ من العمر 84 عاما أقام دعوى قضائية أن زوجته ذهبت للمحافظة اللى عايشها فيها أهلها، لإدعاء وجود ورم في بطنها، ثم جاءت إليه وهى تحمل أنثى، وتدعى كونها ابنته على الرغم في أنه قام باستئصال للخصيتين في عام 2013.
- الراجل دا كان أنجب من زوجة له طفل في عام 2009 "ذكر".
بداية المعركة القضائية
- الراجل من هول الصدمة راح للمحامى بتاعه اللى هيخوض معركة قضائية لمدة 4 سنوات تستحق أن نرفع له فيها القبعة، وهنعرف ليه دلوقت...
- الراجل حكى لمحاميه الواقعة، وقام بالذهاب معه إلى قسم شرطة بولاق وتحرير محضر إدارى بالواقعة، مع العلم بإستقرار القاعدة الفقهية "الولد للفراش".
وفاة الزوج وتعقيد الموقف
- ودفاعه كان على علم بصعوبة ومشقة تلك الدعوى، والذى فوجئ بإزدياد الأمر صعوبة فقد توفى الزوج بعد تحرير المحضر بـ3 أيام "الرجل لم يتحمل الصدمة ومات".
- ما أكد معه إزدياد صعوبة الأمر بوفاة الزوج وأستقرار القاعدة الفقهية "لا إنكار إلا قبل الإقرار"، وأن السكوت على مظاهر الحمل يُعد إقراراً بالبنوة.
تسجيل الطفلة بعد الوفاة
- ثم جاءت مفاجأة أخرى وأزمة قانونية جديدة تضاف للأزمات المتتالية من قبل أهل الزوجة بأن قاموا بتسجيل ميلاد الطفلة بعد أكثر من شهرين من وفاة الأب "الزوج" لكى يمتنع على الورثة رفع الدعوى لكون الزوج قد تنازل ضمناً في حقه في نفى نسب الطفلة، فلا يمتد ذلك إلى الورثة، وإذا حدث ذلك سيتم رفض الدعوى لكون الدعوى ستكون أمام المحكمة بغرض حرمان الطفلة من إرثها، ومن شروط دعوي نفي النسب أن لا تتعلق بأرث أو مال، كما أن إقرار "الأب" على مظاهر الحمل يُعد إقراراً بالبنوة، فأصبح حق للطفل لا يجوز الرجوع فيه.
طلب الابنة رفع دعوى إنكار النسب
- فإذا بإبنة الزوج تبلغ 58 عاماً، جاءت لمحاميه تطلب رفع دعوى إنكار النسب بعد وفاة والدها كونها وصيته ورغبته قبل وفاته حال انقضاء عمره دون تنفيذها، وكانت الصعوبة هنا أن قاعدة "الولد للفراش" مع وجود الأب على قيد الحياة، فما بالنا وقد فارقها، وسيقوم الورثة برفعها وبعد وفاة الأب.
الإشكال الفقهي في إطلاق قاعدة الولد للفراش
- ثم أن هناك مذهبا غير حميداً في إطلاق القاعدة الأصولية الولد للفراش على هوائمهما، فالأصل في الشريعة الغراء أن الزنا لا يثبت به النسب، كما أن عدم التلاقى بين الزوجين لعقم أو خصى أو ثبوت أن الولد ليس من صلب الرجل أو ماءه، هو تطبيق لقاعدة "عدم اختلاط الأنساب".
- والشريعة الإسلامية الغراء جاءت لتمنع السفاح، وتحد من إختلاط الأنساب، كما أن الأصل أن قاعدة "الولد للفراش" هي استثناء في حالة عدم المنازعة فيه من الزوج، فإذا نازع فيه، فيكون "للعاهر الحجر"، وهو تكملة الحديث الشريف، لذا فإن هذا الإطلاق هو اجتزاء للحديث في غير موضعه وغير مقصودة.
- كما أن الثابت فقهاً أن "الزنا لا يثبت به النسب"، ولو تزوج الزانى بمزينته الحُبلى، كما أن القانون في المادة 97 من قانون الأحوال الشخصية قد اشترط في دعوى نفى النسب أن يحدث "اللعان" في خلال 7 أيام من تاريخ العلم بالولادة شريطة ألا يكون الوالد قد اعترف بأبوته صراحة أو ضمناً.
العلم الحقيقي المقصود في دعوى نفى النسب
- وأن دعوى نفى النسب باقية على حكمها في الشريعة ما أن تحققت شرائطها، وأن النسب يثبت بالفراش، وهو الزوجية القائمة لقوله تعالى: "على فرش مرفوعة إن إنشاءهن انشاءا فجعلنهن ابكارا".
- ولكن الصحيح أن يكون علم الوالد بأن الطفل ليس من صلبه لا يخالطه غش أو زنا، وإلا أصبح العلم مشوباً بعيب من عيوب الإرادة في الفهم الصحيح للشريعة، لذلك يمتد ميعاد العلم حتى العلم الفعلي للزوج كونه الولد ليس من ماءه وليس كما يفسره القضاء في فهمه الخاطئ للعان أن العلم بالولادة ذاتها بل العلم بأنه ليس من صلبه.
شروط الفراش الصحيح
- كما يشترط القانون والفقه أيضاً أن لا تخفى الزوجة حملها، وأن يكون هناك فراش صحيح وهو إمكانية الوطء، وأن لا يكون الوطء سابق على النكاح، لأن الزنا لا يثبت به نسب، لأن "العلوق سابق على النكاح".
المحضر في حكم اللعان
- وفعلاً تمسك الدفاع أمام المحكمة أن المحضر الذى حرره المتوفى إلى رحمة مولاه هو بمثابة "اللعان" لإتحاد الغاية من الإجراء، وتم استخراج صورة طبق الأصل من اخطار الولادة يثبت أن الوضع للطفل كان سابقاً على الوفاة، فلا إقرار من الوالد قبل الوفاة، ويثبت سوء نية الزوجة وأن هناك صبغة قانونية أوعذتها أن تقوم بتسجيل الطفلة بعد الوفاة حتي تمنع الورثة من رفع الدعوي بنفي النسب لكون الوالد تقر النسب حال حياته.
الأساس التشريعي
- كما تمسك قانوناً بنص المادة 15 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية: "لا تسمع عند الانكار دعوى النسب لولد زوجة ثبت عدم التلاقي بينها وبين زوجها من حين العقد ولا لولد زوجة أتت به بعد سنه من غيبة الزوج عنها ولا لولد المطلقة والمتوفى".
الرد على إطلاق قاعدة الولد للفراش
- وذكر أن قاعدة الولد للفراش في حالة الزنا أو إثبات أن الولد ليس من ماء الرجل "كالبصمة الوراثية" أو التشريح أو الفحص الطبي في حالة العقم والخصي أصبح الفراش المقصود في الحديث الشريف ليس موجود، لأن الولد كان ليس نتاج التلاقى بين الزوجين على فراش الزوجية.
- وبناء عليه - تم إرسال المدعية وأختها "أبناء المتوفى" و"أبناء أبن المتوفى" أحفاده والأخ الشقيق للطفلة المولود قبل إجراء العملية الجراحية والطفلة المراد نفي نسبها والزوجة إلى الطب الشرعى لأخذ البصمة الوراثية .....كلا منهم ومطابقتها ببصمة الأم والطفلة إلا أن الأم والطفلة لم تحضر.
- وقد أثبت في مذكرة "الدفاع" أن البصمة الوراثية هي وسيلة لإنكار تخطئ في نفس النسب أو إثباته، وأنها وسيلة من وسائل الإثبات يجوز الاعتداد بها، كما أن هرمون الذكورة يمتد إلى أبناء المتوفى وإلى أبناء أبناءه، وأن نزل الفرع الوارث لقوله تعالى: "ادعوهم لأبائهم" ولم يقل لأبيهم – لذلك تم إدخال الخصوم في الدعوى بعضهم أنضمامى والأخر هجومى لمعاونة الخبير المنتدب من الإدارة العامة للمعامل المركزية بالطب الشرعي على أداء مهمته.
- وعند عدم حضور الزوجة إلى الطب الشرعى رغم مثولها بالجلسات ثم طلب الدفاع بإنتداب كبير الأطباء الشرعيين بدار التشريح لتوقيع الكشف الطبي وإثبات بالأوراق الطبية والتثبت من صحتها واستخراج الجثة إذا لزم الأمر لإثبات إن المتوفى كان عاجزا عن الإنجاب لوجود ورم في الخصيتين وتم استئصالهم استئصال كامل.
- ثم نوه دفاع المدعية إلى أن دعوى نفى النسب هي دعوى لا يشترط فيها الصفة ولكن يشترط فيها المصلحة، فلم يقم دفاع أسرة الزوج بإستخراج اعلام وراثة للمتوفى.
- وبالفعل دفاع أسرة الزوج لم يستخرج اعلام وراثة للمتوفى حى لا يُقر بالطفلة فلا إنكار بعد الإقرار، كما أنها دعوى يجب أن لا ترفع لأرث أو مال ولا ترفع فيها تسوية، لأنها لا يجوز فيها عرض الصلح، كما أنها دعوى لا يجب أن يؤخذ فيها بقاعدة (الولد للفراش) على أطلاقها، وأن ذلك يجعل الوالد يقبل بنوة الزنا قهراً وغصباً.
- الواقعة دى بتأكد يعنى إيه الدفاع يكون مذاكر كويس وفاهم، مش مجرد ما تقول للواحد "نفى نسب بالبصمة الوراثية" يُرد يقولك: "الولد للفراش ويسكت" - لأ - القاعدة بترد عليها قاعدة أخرى.
- وفعلاً أصدرت الدائرة الثالثة عشر محكمة الأسرة – بمحكمة إستئناف بنى سويف – مأمورية الفيوم، حكماً فريداً من نوعه، بتأييد حكم أول درجة بنفي نسب طفلة من أبيها، وذلك بعد وفاة "الأب" حيث تم إجراء التشريح علي الجثة وثبوت عدم التلاقي بين الزوجين لإجراء الزوج استئصال كامل الخصيتين قبل الإنجاب، ولم تحضر الزوجة ولا الطفلة لإجراء تحليل البصمة الوراثية، وقضت المحكمة بنفي نسب الطفلة لثبوت إن القاعدة الفقهية في أن البصمة الوراثية حُجة في ثبوت النسب لا نفيه وقاعدة "الولد للفراش" تصطدما مع قاعدة أخري، وهي أن "الزنا لا يثبت به نسب ولو تزوج الزاني من مزنيته الحبلي"، لأن العلوق سابق علي النكاح، كما أنه وسيلة لا تكاد تخطئ في نفي النسب أو إثباته، وأن الطب الشرعي هو من أهل العلم والاختصاص.
- دول حكمين أول وتانى درجة فيهم شغل هايل لا يمكن الاستغناء عنهم فى مثل هذه القضايا الصعبة والمُعقدة..
ملحوظة
تلك السابقة القضائية استمرت 4 سنوات أو يزيد – وقد تكون باباً في المستقبل لكل من يقع قدره فى مثل تلك الوقائع وأن تكون بداية أمل في أرساء قاعدة: "أدعوهم لأبائهم هو أقرب عند الله".
الخلاصة
أزمة نسب.. سابقة قضائية.. "الاستئناف" تؤيد "نفى نسب الصغير" بالبصمة الوراثية.. "الزوجة" حاولت إثبات نسب الصغير للزوج رغم عدم قدرته للإنجاب.. والمحكمة أمرت بتشريح جثمانه بعد وفاته لإثبات عدم تلاقي الزوجين
المبادئ المُستخلصة
>> حكم قضائى يوضح شروط الفراش المثبت للنسب
>> "الاستئناف" تُقرر: البصمة الوراثية حجة لإثبات النسب ونفيه أيضاً
>> "الاستئناف" تُسقط عرش قاعدة "الولد للفراش"
>> القضاء يؤكد: نفي النسب بطرق الاثبات الفنية حجة لنفي النسب يعتد بها
>> "الاستئناف": التلاقي بين الزوجين وتصور حدوث الحمل شروط الفراش الصحيح

يهمنا تفاعلك