من قصص الصحابة

من قصص الصحابة

10رمضان 1444هـ -2ابريل 2023م

قصص الصحابة رمضان


ثعلبة بن عبد الرحمن الأنصاري - رضي الله عنه

كان يعمل ثعلبة بن عبد الرحمن الأنصاري بخدمة النبي -صلى الله عليه وسلم -في جميع ما يحتاجه الرسول من مطالب، وذات يوم بعثه الرسول -صلى الله عليه وسلم- في أمر، وهو في الطريق مر بباب رجل من الأنصار؛ ورأى امرأة تغتسل فأطال النظر إليها.

وإذا بالرعب يخيم على ثعلبة؛ خوفاً من أن يُنزل الوحي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ ويعلم بما فعل، فلم يرجع إلى الرسول وذهب مختبئاً بين الجبال حتى لا يراه الرسول، ومكث في تلك الجبال التي بين المدينة ومكة أربعين يوماً، وهي ذات الأيام التي انقطع فيها الوحي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

اعتزال ثعلبة في الجبال ونزول الوحي وبعد ذلك نزل الوحي جبريل على محمد -صلى الله عليه وسلم- وقال: "يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ رَبَّكَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامَ وَيَقُولُ لَكَ: إِنَّ رَجُلاً مِنْ أُمَّتِكَ بَيْنَ هَذِهِ الْجِبَالِ يَتَعَوَّذُ بِي"؛ فقال الرسول لعمر بن الخطاب وسلمان الفارسي: "يَا عُمَرُ وَيَا سَلْمَانُ! انْطَلِقَا فَأْتِيَانِي بِثَعْلَبَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ".

البحث عن ثعلبة

خرج كلٌ من عمر بن الخطاب وسلمان الفارسي -رضي الله عنهما- إلى المدينة يبحثا عنه، وظل كلٌ منهما مستمراً بالبحث إلى أن رأيا راعياً من رعاة المدينة يدعى زفافة، فسأل عمر: " هَلْ لَكَ عِلْمٌ بِشَابٍّ بَيْنَ هَذِهِ الْجِبَالِ يُقَالُ لَهُ ثَعْلَبَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟"، فقال له: "لَعَلَّكَ تُرِيدُ الْهَارِبَ مِنْ جَهَنَّمَ؟"

فقال له عمر: "وَمَا عِلْمُكَ أَنَّهُ هَارِبٌ مِنْ جَهَنَّمَ؟".

رد الراعي على عمر بن الخطاب قائلاً: "لأنَّهُ إِذَا كَانَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ خَرَجَ عَلَيْنَا مِنْ بَيْنِ هَذِهِ الْجِبَالِ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ، وَهُوَ يُنَادِي: يَا لَيْتَكَ قَبَضْتَ رُوحِي فِي الْأَرْوَاحِ، وَجَسَدِي فِي الْأَجْسَادِ، وَلَمْ تُجَرِّدْنِي لِفَصْلِ الْقَضَاءِ"، 

فقال عمر أنه المقصود. 

و انطلق كل من عمر والراعي إلى ثعلبة؛ ولما رآه عمر احتضن عمر، وقال: "يَا عُمَرُ، هَلْ عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِذَنْبِي؟"، فقال عمر بن الخطاب: "لَا عِلْمَ لِي، إِلَّا أَنَّهُ ذَكَرَكَ بِالْأَمْسِ فَأَرْسَلَنِي وَسَلْمَانُ فِي طَلَبِكَ".

عودة ثعلبة

طلب من عمر إلا يدخله علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا وهو يصلي، وحين سلم الرسول سأل: "يَا عُمَرُ! يَا سَلْمَانُ! مَا فَعَلَ ثَعْلَبَةُ؟"

فقالوا له بأنهم وجدوه وأشاروا إلى مكانه في المسجد، فقام الرسول وسأله: "مَا غَيَّبَكَ عَنِّي؟" 

قال: "ذَنْبِي يَا رَسُولَ اللَّهِ!".[

رد الرسول قائلاً: "أَفَلا أَدُلُّكَ عَلَى آيَةٍ تَمْحُو الذُّنُوبَ وَالْخَطَايَا؟"، قال: "بلى يا رسول الله"، رد الرسول: (ربَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)،

قال ثعلبة: "ذَنْبِي أَعْظَمُ يَا رَسُولَ اللَّهِ"، رد رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-: "بلْ كَلَامُ اللَّهِ أَعْظَمُ"، وطلب منه الذهاب إلى بيته.

قبول توبة ثعلبة و وفاته

مر ثمانية أيام فإذا بسلمان يقول لرسول: (يا رسولَ اللهِ هل لك في ثعلبةَ؟ فإنَّه ألَمَّ به، 

فقال النبيُّ: قوموا بنا إليه، فدخل عليه فأخذَ رأسَه في حجرِه؛ فأزال رأسَه عن حجرِ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فقال له رسولُ اللهِ: لم أزلْتَ رأسَك عن حِجْري؟، 

فقال: لأنَّه ملأنٌ من الذنوبِ، قال: ما تَجِدُ قال أجِدُ مِثلَ دبيبِ النملِ بين جلْدي وعظْمي، قال: ما تشتهي؟، 

قال: مغفرةُ ربِّي).

هنا نزل جبريلُ فقال: 

(يا محمدُ إنَّ ربَّك يقرأُ عليك السلامَ، ويقولُ لو أنَّ عبدي هذا لَقِيني بِقُرابِ الأرضِ خطيئةً لَقِيتُه بِقُرابِها مغفرةً؛ فأعلمَه النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بذلِك فصاح صيحةً فمات؛ فأمر النبيُّ بغسلِه وتكفينِه، فلمَّا صلَّى عليه جعل يمشي على أطرافِ أناملِه؛ فلمَّا دفنَه قِيلَ: يا رسولَ اللهِ رأيناك تمشي على أطرافِ أناملِك!).

وهنا أجاب -صلى الله عليه وسلم-: (والذي بعثني بالحقِّ ما قَدِرْتُ أنْ أضعَ قدميَّ على الأرضِ؛ من كثرةِ أجنحةِ من نزل من الملائكةِ لِتشْييعِه)

تعليقات