الائتمان Crédit

الائتمان Crédit  
و تعاظم دوره في عملية التنمية

بقلم أ.د/ محمد عويان

محمد عويان الائتمان
لما كانت عجلة الحياة الاقتصادية, وزيادة حركة التدوال, وكثرة عمليات البيع والشراء, وعمليات الاقتراض لقروض بنكية من قبل مستثمرين, ولدعم حركة الإنتاج ولتوفير فرص أكثر سهولة, بتوافر التكنولوجيا الحديثة والسريعة في تداول عمليات التعاقد أيا كان نوع تلك التعاقدات التي تتم بين أطرافها, فقد لاقت العمليات الائتمانية رواجا كبيرا وانتشارا واسعا, وللعمل على دعم هذا الائتمان, وتشجيع هذا التطور الهائل واستمراريته في زيادة حركة الإنتاج وسرعته, لا بُدّ من توفير السيولة النقدية اللازمة لإنجاز مشروعات لمؤسسات أو شركات سواء خاصة أو عامة أو أفراد عاديين, والتي في الغالب لا تتوافر تلك السيولة النقدية إلا عن طريق منح القروض, والبيوع الائتمانية والإيجارات التمويلية.ولا يُمكن تحقيق ذلك إلا من خلال توفير وسائل حماية للائتمان لتزايد أهميته وتعاظم دوره في عملية التنمية، حيث بدون توفيرها سيؤدي إلى مخاطر تهدد النظام المالى والاقتصادي للدولة, فمن أهمأدوات حماية هذا الائتمان- وفقا لنظم التأمينات العينية وأحكام القانون المدني المعمول به حاليا القانون رقم 131 لسنة 1948- هو الرَّهْن, والرَّهْن  بنوعيه: رهن رسمي، ورهن حيازي, وكلا من النوعين يتخذ محلا له, فمحل الرَّهْن الرسمي هو العقار, أما عن الرَّهْن الحيازي فمحله يكون عقارا أو منقولا, باستثناء بعض المنقولات التي ترهن رسميا لطبيعتها الخاصة, والفارق بينهما في ذلك هو انتقال حيازة المال المرهون.والرَّهْن الحيازي من أكثر الأنظمة دعما للائتمان في مصر سواء في المنقولات أو العقارات, وهو كضمان يبعث في نفوس الدائنين الطمأنينة أكثر مما يبعثه الرَّهْن الرسمي, وهو أكثر انتشارا خصوصا في الريف, لما له من المميزات التي تُخول الدائن المرتهن فوق ما يُخولهُ له الرَّهْن الرسمي من مزية التقدم والتتبع, مزية حيازة الشيء المرهون وحبسه واستغلاله والاحتفاظ بغلته خصما من المصروفات والفوائد ثم من أصل الدين, وللدائن أيضا إذا كان المرهون منقولا وانتقلت إليه حيازته, فيحول ذلك دون تصرف الراهن في المنقول وتسليمه إلى شخص حسن النية فيحتج ضد الدائن" بقاعدة الحيازة في المنقول سند الحائز" وبهذا فإن بقاء الشيء المرهون في حيازة الدائن المرتهن ضمان كبير له, حيث بهذا الانتقال يُعد شهرًا للرهن وإعلانًا للغير, فانتقال الحيازة يقوم بنفس الدور الذي يقوم به نظام الشهر العقاري في العقار من حيث إعلام الغير بالتصرف.
 فكان لا بُدّ من وجود الرَّهْن الحيازي بالنسبة للمنقولات, ولتحقيق تلك المميزات التي يوفرها نظام الرَّهْن الحيازي كأداة داعمة للائتمان, لا بُدّ من توفير الضمانات التي تحقق للدائن الحصول على تلك المميزات, فلا يُمكن للدائن أن يحصل عليها إلا من خلال ضمانات للمال المرهون, يلتزم الراهن بالقيام بها, من خلال التزامه بترتيب حق عيني للدائن على المال المرهون، ولا يُمكن للمدين الراهن تحقيق هذا الالتزام إلا إذا كان مالكا للمال المرهون. كما أن الراهنَ ملزمٌ بتحقيق ضمانة التسليم للمرهون، وذلك بوضع المرهون تحت يد الدائن وانتقال حيازته إليه. وأن يلتزم بضمانة سلامة المرهون ولا يُمكن تحقيق تلك الضمانة  إلا من خلال عدم تعرضه الشخصي أو الغير للدائن. وأخيرًا التزامه بضمان هلاك الشيء المرهون أو تلفه، وهذا الالتزام يقع على عاتقه في عدم تعريض الشيء المرهون للهلاك أو التلف.

وبما أن المنقول: فيما عدا المنقولات المستثناه لا يُرهن إلا حيازيا, ورهنه حيازيا يتطلب انتقال الحيازة من المدين الراهن إلى الدائن المرتهن, ونظرا لما استحدثه المشرع من إصدار تشريع خاص يُؤدي إلى عدم انتقال حيازة المنقول من المدين الراهن ليد الدائن المرتهن نظرا للاعتبارات التي ارتأها المشرع في إصدار القانون رقم 115 لسنة 2015 لتنظيم الضمانات المنقولة, ولائحته التنفيذية الصادرة من وزارة الاستثمار بالقرار رقم 108 لسنة 2016. حيث استعاض المشرع عن فكرة انتقال الحيازة بفكرة القيد للمنقول في سجل إلكتروني مُعد خصيصا لذلك, وهو ما يجعلُ- بهذا القانون- نظامَ رهنِ المنقولِ نظامًا يتقارب مع نظام الرَّهْن الرسمي من حيث عدم انتقال حيازة المنقول ليد الدائن.

وعلى الرغم من هذا التشريع الخاص لم يتخل المشرع عن فكرة رهن المنقول رهنا حيازيا، والذي ما زالت أحكامه سارية وفقا لنصوص القانون المدني، وللمتعاقدين الاختيار بين الرَّهْن الحيازي أو الرَّهْن دون حيازة للمنقول, حيث نصت المادة الأولى من إصدار قانون تنظيم الضمانات المنقولة, بذلك في فقرتها التي تنص عليه "وذلك دون الإخلال بالأحكام المنظمة لأنواع خاصة من رهن المنقولات, بما في ذلك الرَّهْن الحيازي في القانون المدني، ورهن المحل التجاري، ورهن الأوراق المالية".
للمزيد عن تعاظم دور الائتمان في عملية التنمية - رسالة الدكتوراه "ضمانات الدائن المرتهن المترتبة على الرهن الحيازي".
دكتور/ محمد مهدي عويان - المحامي
تعليقات
    20231230-155210-0000