التحكيم

دور التحكيم و المحكم في ظل القانون

محامين الإسكندرية Alexlawyers @

التحكيم: مفهومه، إلزاميته، وصفة المحكم ودوره

مقدمة

التحكيم هو وسيلة بديلة لفض المنازعات بعيدًا عن المحاكم، حيث يتم الاتفاق بين الأطراف المتنازعة على تعيين شخص أو هيئة مستقلة تُسمى "المحكم" أو "هيئة التحكيم" للفصل في النزاع. يعتبر التحكيم من أقدم وسائل تسوية النزاعات وأكثرها استخدامًا في المعاملات التجارية المحلية والدولية نظرًا لما يوفره من سرعة ومرونة في الإجراءات، مقارنة بالمحاكم التقليدية.

مفهوم التحكيم

التحكيم هو إجراء قانوني يُلجأ إليه الأطراف بدلاً من المحكمة لتسوية نزاعهم، بناءً على اتفاق مسبق أو لاحق على إحالة النزاع إلى محكمين مستقلين. التحكيم يمكن أن يكون اختياريًا أو إلزاميًا، بناءً على ما يتفق عليه الأطراف في العقود التجارية أو الاتفاقيات المبرمة بينهم.

مدى إلزامية التحكيم للشركات والأفراد

التحكيم يكون إلزاميًا عندما يتفق الأطراف على إدراجه كشرط ضمن عقودهم التجارية أو عقود العمل أو غيرها من العقود التي يمكن أن تكون عرضة للنزاع. في هذه الحالة، لا يمكن لأي طرف اللجوء إلى المحاكم لحل النزاع قبل اللجوء إلى التحكيم، طالما أن الاتفاق بين الأطراف ينص على ذلك.

إلزامية التحكيم: 

التحكيم يصبح ملزمًا عندما يكون هناك شرط تحكيمي مكتوب أو اتفاق تحكيمي مستقل بين الأطراف. بناءً على هذا الاتفاق، يُحرم الأطراف من اللجوء إلى القضاء، ويجب عليهم الالتزام بقرارات المحكمين.

استثناءات: 

لا يُسمح بالتحكيم في بعض النزاعات مثل القضايا الجنائية أو القضايا التي تتعلق بالحقوق العامة أو السيادة، مثل الدعاوى المتعلقة بحقوق الإنسان أو المنازعات الدستورية.

المحكم: دوره وصفته واختصاصه

المحكم هو الشخص أو الهيئة التي يتم تعيينها للفصل في النزاع المعروض عليه. قد يكون المحكم شخصًا واحدًا أو عدة أشخاص، وغالبًا ما يكون خبيرًا في موضوع النزاع أو القانون التجاري أو أي مجال آخر ذي صلة. 
دوره الرئيسي هو تقديم قرار محايد وملزم للأطراف بناءً على الأدلة والشهادات المقدمة في جلسات التحكيم.

كيف يكتسب المحكم صفة قانونية ملزمة؟

1. الاتفاق بين الأطراف: يتم تعيين المحكم بناءً على اتفاق بين الأطراف المتنازعة. يمكن للأطراف تعيين محكم واحد أو أكثر بناءً على ما نص عليه الاتفاق.
   
2. الاعتراف القانوني: في معظم الدول، لا يوجد تشريع موحد بشأن متطلبات تعيين المحكمين، لكن يُشترط في العديد من الحالات أن يكون المحكم محايدًا، وأن يتمتع بخبرة كافية في الموضوع الذي يتم التحكيم فيه. بعض الدول والمؤسسات تتطلب تسجيل المحكمين في قوائم معينة أو منحهم تراخيص.
   
3. اعتماد المحكمين: بعض الهيئات والمؤسسات المتخصصة في التحكيم الدولي والمحلي (مثل مراكز التحكيم الدولية أو الغرف التجارية) تعتمد المحكمين وتضع شروطًا معينة للحصول على هذه الصفة. على سبيل المثال، يجب على المحكم أن يكون لديه خبرة قانونية كافية، أو شهادة معتمدة في التحكيم، أو عضوية في مؤسسة تحكيم معترف بها.
   
4. قرار التحكيم النهائي: المحكم بعد دراسة النزاع وإجراء الجلسات اللازمة يُصدر ما يُعرف بـ "حكم التحكيم"، وهو قرار نهائي وملزم للأطراف وفقًا للاتفاق.

اختصاص المحكم

  • الفصل في النزاعات: دور المحكم هو التحقيق في النزاع المطروح عليه والفصل فيه بناءً على الأدلة المقدمة. يتعين عليه الاستماع إلى الطرفين وتقييم الأدلة بشكل عادل قبل إصدار القرار.
  • تحديد القوانين المطبقة: إذا لم يتفق الأطراف على القانون الواجب التطبيق، يكون للمحكم سلطة تحديد القانون المناسب استنادًا إلى طبيعة النزاع أو ما يتفق مع المبادئ العامة للقانون.
  • تنفيذ قرارات التحكيم: بمجرد إصدار حكم التحكيم، يصبح ملزمًا للطرفين. 
وإذا لم يلتزم أحد الأطراف بتنفيذ الحكم، يمكن للطرف الآخر اللجوء إلى المحاكم لتطبيقه.

 من الذي يستطيع منح صفة "محكم"؟

صفة المحكم تُمنح بناءً على اتفاق الأطراف، ولكن هناك بعض المؤسسات التي تقدم اعتمادًا رسميًا للمحكمين. هذه المؤسسات تُعد بمثابة ضمانات لجودة وحيادية المحكمين:
  1. مراكز التحكيم المحلية: مثل مراكز التحكيم الوطنية التي تعمل في إطار القانون المحلي لكل دولة.
  2. مراكز التحكيم الدولية: مثل محكمة التحكيم الدولية و مركز التحكيم التجاري الدولي. هذه المؤسسات تضع معايير لاختيار المحكمين وتقديمهم للعمل في القضايا الدولية.
  3. الغرف التجارية: في العديد من الدول، الغرف التجارية تمتلك مراكز خاصة للتحكيم وتضع قوائم بالمحكمين المعتمدين.
  4. الهيئات المهنية: بعض الهيئات المهنية والقانونية تمنح شهادات في التحكيم بعد استكمال دراسات معينة أو برامج تدريبية معتمدة.

 دور المحكم واختصاصاته

1. إدارة جلسات التحكيم: 
تنظيم سير الجلسات وإدارة المناقشات بطريقة حيادية.
2. تقييم الأدلة: 
المحكم يقوم بتقييم الأدلة التي يتم تقديمها من الأطراف المتنازعة.
3. إصدار حكم التحكيم: 
إصدار قرار ملزم للطرفين بناءً على القانون أو المبادئ القانونية المتفق عليها.
4. تنفيذ القرار: في حال عدم امتثال أحد الأطراف لقرار التحكيم، يستطيع المحكم إحالة الحكم إلى المحكمة المختصة لتنفيذه.

التحكيم في القانون رقم 27 لسنة 1994

ينظم القانون عمل المحكم وآليات التحكيم من خلال قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية و الذي يضع يضع الإطار القانوني لتنظيم إجراءات التحكيم، وتعيين المحكمين، ودورهم، وطرق تنفيذ أحكام التحكيم.

أهم النقاط التي ينظمها القانون بشأن المحكم والتحكيم:

1. تعريف التحكيم

القانون المصري يُعرّف التحكيم كإجراء قانوني يتم الاتفاق عليه بين الأطراف لفض نزاع ما من خلال محكم أو هيئة تحكيم، بدلاً من اللجوء إلى القضاء العادي. التحكيم قد يكون اختياريًا أو إلزاميًا إذا اتفقت الأطراف على اللجوء إليه في العقود.

 2. شروط تعيين المحكم

يضع القانون شروطًا عامة لتعيين المحكمين، حيث يشترط أن يكون:
  • مستقلًا ومحايدًا: يجب أن يكون المحكم غير مرتبط بأي من الأطراف أو النزاع بشكل يثير الشكوك حول حياديته.
  • ذو أهلية قانونية: يجب أن يكون المحكم شخصًا ذا أهلية قانونية كاملة، بمعنى أنه لا يكون قاصرًا أو تحت وصاية.
  • خاليًا من أي عائق قانوني: المحكم لا يجب أن يكون محكومًا عليه في جناية أو جنحة ماسة بالشرف أو الأمانة، حتى لا تتأثر مصداقيته.

3. اختيار المحكم

- يمكن للأطراف أن يتفقوا على تعيين محكم واحد أو هيئة مكونة من ثلاثة محكمين.
- إذا لم يتفق الأطراف على شخص معين، يتولى رئيس المحكمة المختصة تعيين المحكم بناءً على طلب أحد الأطراف، وذلك وفقًا لقواعد وإجراءات محددة.

 4. دور المحكم

المحكم في القانون المصري يقوم بدور القاضي في المنازعات المحالة إليه. من أهم مهامه:
  • إدارة جلسات التحكيم: يعقد جلسات استماع للأطراف ويستمع إلى الحجج والشهادات.
  • تقييم الأدلة: يدرس الأدلة المقدمة من الأطراف بشكل عادل ومستقل.
  • إصدار حكم التحكيم: بناءً على القانون المتفق عليه بين الأطراف أو المبادئ العامة للقانون.

5. إلزامية حكم التحكيم

وفقًا للقانون المصري، حكم التحكيم يكون ملزمًا للأطراف ولا يمكنهم الطعن عليه أمام المحاكم العادية إلا في حالات استثنائية مثل:
- إذا كان هناك غش أو تلاعب في إجراءات التحكيم.
- إذا تجاوز المحكم صلاحياته.
- إذا صدر الحكم مخالفًا للنظام العام أو القوانين المصرية.

6. تنفيذ حكم التحكيم

- حكم التحكيم في مصر يعتبر واجب النفاذ بمجرد صدوره، ويجب على الأطراف الالتزام به.
- إذا رفض أحد الأطراف تنفيذ الحكم، يمكن للطرف الآخر التوجه إلى المحكمة المختصة للحصول على أمر بتنفيذ الحكم. 
- يتم تقديم طلب تنفيذ حكم التحكيم إلى محكمة  التنفيذ ، وبعد مراجعة الحكم والتأكد من خلوه من العيوب القانونية، تصدر المحكمة أمرًا بتنفيذه.

7. إبطال حكم التحكيم

يتيح القانون إمكانية رفع دعوى ببطلان حكم التحكيم إذا كانت هناك مخالفات في الإجراءات، مثل عدم احترام مبدأ التساوي بين الأطراف أو عدم تمكين أحد الأطراف من تقديم دفاعه. يمكن تقديم دعوى البطلان خلال 90 يومًا من تاريخ استلام الحكم.

8. القواعد العامة للتحكيم

ينظم القانون بعض الجوانب الإجرائية المتعلقة بالتحكيم، مثل:
- مدة التحكيم: القانون ينص على أن التحكيم يجب أن يتم خلال مدة معينة تحددها الأطراف، وإذا لم يتفقوا على مدة محددة، فإن المحكمة قد تمدد الفترة.
- الإجراءات: التحكيم يمكن أن يتم وفقًا للقواعد التي يتفق عليها الأطراف أو وفقًا للقواعد المعمول بها في مركز تحكيم معين، مثل مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي.

 شروط المحكم في القانون

 يضع القانون شروط للمحكم لاكتساب صفة "محكم" والاعتراف به. على الرغم من أن القانون لا يشترط متطلبات رسمية صارمة كتسجيل المحكمين أو منحهم تراخيص رسمية، إلا أن هناك شروطًا وضوابط عامة يجب أن تتوفر في المحكم حتى يكتسب هذه الصفة، وهي مستمدة من **قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية** رقم 27 لسنة 1994.

شروط اكتساب المحكم للصفة القانونية في القانون المصري:

1. الأهلية القانونية الكاملة: 
   - يجب أن يكون المحكم شخصًا ذا أهلية قانونية كاملة، أي أنه يجب أن يكون بالغًا عاقلًا ويتمتع بالقدرة على ممارسة الحقوق القانونية. 
   - لا يمكن تعيين المحكم إذا كان قاصرًا أو فاقدًا للأهلية أو تحت وصاية.

2. الحيادية والاستقلالية: 
   - يجب أن يكون المحكم مستقلًا ومحايدًا تمامًا عن أطراف النزاع. 
   - يُحظر أن يكون للمحكم مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في النزاع المعروض عليه، أو أن يكون له علاقة شخصية أو مهنية بأي من أطراف النزاع.

3. الكفاءة والخبرة: 
   - رغم أن القانون لا يشترط مؤهلًا محددًا للمحكم، إلا أن غالبية القضايا التي يتم إحالتها إلى التحكيم تتطلب محكمين لديهم خبرة في موضوع النزاع (مثل التحكيم التجاري، العقود الدولية، النزاعات الهندسية، إلخ). 
   - غالبًا ما يكون المحكمون من الخبراء القانونيين أو المتخصصين في المجالات الفنية أو المهنية.

4. عدم وجود سوابق جنائية: 
   - يُشترط في المحكم أن يكون ذو سمعة حسنة، ولم تصدر ضده أحكام قضائية في جرائم مخلة بالشرف أو الأمانة، لأن ذلك يؤثر على نزاهته وثقة الأطراف فيه.

5. قبول الأطراف: 
   - يجب أن يكون المحكم مقبولًا لدى الأطراف المتنازعة. في حال عدم الاتفاق على شخص محدد، يمكن للأطراف طلب تعيين محكم عن طريق المحكمة المختصة.

الجهة التي تمنح الاعتراف بالمحكم

لا توجد جهة رسمية محددة في القانون المصري تمنح ترخيصًا أو صفة رسمية للمحكم بشكل إلزامي، ولكن هناك بعض الجهات والمؤسسات التي تلعب دورًا في تنظيم عملية التحكيم وتقديم قوائم معتمدة من المحكمين:

1. مراكز التحكيم:
   - مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي (CRCICA) هو من أهم المراكز في مصر التي تعتمد المحكمين. المحكمون المسجلون في المركز عادة ما يكونون أشخاصًا لديهم خبرة قانونية وتجارية، ويخضعون لعملية اختيار دقيقة.
   - يقدم المركز تدريبًا ودورات متخصصة في التحكيم، ويتيح الفرصة للمحكمين لاكتساب الخبرة والتسجيل في قوائمه.

2. الغرف التجارية والمؤسسات المهنية:
   - بعض الغرف التجارية المصرية والمؤسسات المهنية (مثل نقابات المحامين أو المهندسين) قد تقدم قوائم بالمحكمين المعتمدين.
   - هذه المؤسسات تُنظم دورات تدريبية وشهادات في التحكيم، وتعمل على إعداد كوادر مؤهلة للعمل كمحكمين.

3. المحاكم:
   - في حالة عدم اتفاق الأطراف على اختيار محكم، يتم تعيين المحكم عن طريق **المحكمة المختصة** بناءً على طلب أحد الأطراف، وتقوم المحكمة باختيار المحكم بناءً على خبرته وكفاءته.
   - تقوم المحكمة أيضًا بمراقبة مدى أهلية المحكم واستقلاليته.

التدريب والشهادات في مجال التحكيم

رغم عدم وجود اشتراط قانوني مباشر للحصول على شهادة معينة، إلا أن الحصول على شهادات تدريبية في التحكيم من جهات معتمدة مثل مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي ، أو الهيئات الدولية مثل جمعية المحكمين المعتمدين (CIArb) يُعد ميزة تعزز من خبرة المحكم وسمعته في مجال التحكيم.

يسعندنا استقبال مقترحاتكم عبر التعليقات بشأن مواضيع تهمكم
محامين الاسكندرية @ Alexlawyers 
تعليقات
    20231230-155210-0000