تُعد الضريبة على الدخل والأجور وما في حكمها من أبرز الالتزامات المالية التي تُثار حولها منازعات متعلقة بالتقادم وإجراءات الربط والإخطار. ويُخطئ البعض في الاعتقاد بأن عدم تقديم الإقرارات الضريبية يظل مبررًا مفتوحًا للإدارة في ملاحقة الممول بعد فوات المدة القانونية. غير أن أحكام القضاء الإداري، وعلى رأسها المحكمة الإدارية العليا، قد أرست مبادئ حاسمة تؤكد خضوع المطالبة الضريبية للتقادم الخمسي، سواء تقدم الممول بإقراره أو امتنع عن ذلك، ما لم تتخذ المصلحة إجراءً قاطعًا خلال المدة المحددة. وفي هذا السياق تأتي أهمية الحكم التالي وما تضمنه من مبادئ واجبة التطبيق.
بقلم الأستاذ/ يحيى سعد جاد الرب حجازى
المحامى بالنقض والإدارية العليا
أثر التقدّم الخمسي على تقادم الضريبة المستحقة
فيما يلي نقاط موجزة وواضحة تلخّص المبدأ القانوني الذي استقرّت عليه المحكمة الإدارية العليا بخصوص أثر التقدّم (أو عدم تقديم الإقرارات) على تقادم المطالبة بالضريبة، متبوعة بنص الحكم وتحليل موجز موجّه لزملائنا المحامين.
مبادئ أساسية
- حتى ولو لم يُقدّم الممول الإقرارات، يسقط الحق في المطالبة بالضريبة بمضي خمس سنوات.
- المشرّع لم يَرْتِب على عدم تقديم الإقرار وقفًا أو تعطيلًا لسريان التقادم، بل منح المصلحة سلطة تقديرية في تقدير الضريبة دون أن يوقِف ذلك التقادم.
- مدة التقادم الخمسي تسري على الضريبة المستحقة بغض النظر عن تقديم الإقرارات أو البيانات من الممول.
- بناءً على ما سبق، فمطالبة المصلحة بعد مضي خمس سنوات تكون غير قائمة على سند صحيح. (يحيى سعد المحامى)
حكم المحكمة الإدارية العليا — 28/6/2025
أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكماً بجلسة 28/6/2025 أبلغت فيه أن ما تتذرع به الجهة الإدارية من عدم سقوط حقها في المطالبة بالضريبة عن السنوات (2005–2009) لعدم تقديم الشركة البيانات والكشوف اللازمة، مردود عليه. إذ أن المشرّع لم يجعل من عدم تقديم الإقرارات مبرراً لوقف سريان التقادم؛ وإنما منح مصلحة الضرائب سلطة تقديرية لاحتساب الضريبة استناداً إلى ما يتوافر لديها من مستندات. وعلى ذلك، يجب على المصلحة أن تمارس سلطتها خلال خمس سنوات من انقضاء الآجال القانونية لتقديم الإقرارات، تحقيقاً لاستقرار المراكز القانونية وعدم اضطراب المعاملات المالية.
موقف محكمة الموضوع (الأولى) والنتيجة العملية
قضت محكمة الدرجة الأولى — وفقاً لتقرير الخبير — بأنه تم إخطار الشركة بالنموذج (38) ضريبة بتاريخ 26/8/2015، أي بعد مضي أكثر من خمس سنوات من انتهاء الأجل المحدد لتقديم الإقرارات عن السنوات 2005–2009، وهو ما يدل على أن المصلحة لم تتخذ أي إجراء قاطع يقضي بوقف التقادم خلال تلك المدة. وبما أن الجهة الإدارية لم تُدحض هذا الثبوت أو تقدم دليلاً معاكساً، فقد انتهت المحكمة إلى أن حق مصلحة الضرائب في المطالبة بتلك الضريبة قد سقط بالتقادم الخمسي، وعليه تم إلغاء القرار المطعون فيه عن السنوات المشار إليها واسترداد ما دفِع إن وُجد.
دلالات عملية للمحامين
- الأحكام التي تؤكد سريان التقادم بالرغم من عدم تقديم الإقرارات تعزّز دفاع الشركات المتأخرة في تقديم بياناتها إذا لم تتخذ مصلحة الضرائب إجراءات داخل الخمس سنوات.
- ينبغي التحقق من تواريخ الإخطار والإجراءات الإدارية لتبيان ما إذا كانت المصلحة قد بادرت ضمن مدة الخمس سنوات بأي إجراء قاطع يقضي بوقف التقادم.
- في دعاوى استرداد مبالغ مدفوعة أو طلب براءة ذمة، يعدّ تقرير الخبير ومستندات الإخطار عناصرَ حاسمة لإثبات الانقضاء بالتقادم.
تفاصيل الحكم والمرجع
الطعن رقم: 11957 لسنة 70 قضائية
التاريخ: 2025/06/28
الدائرة: الحادية عشر
يهمنا تفاعلك